به على الإطلاق ، ولتوقّف القراءة والدعاء والعبادة عليه ، ولبعض هذه الأخبار.
وبهذا ظهر سهولة الاجتهاد في هذا الزمان كما اعترف به جملة من الأعيان ؛ لسهولة حصول مقدّماته وكثرة بحث العلماء والفقهاء فيها وفي تحقيقها.
لكنّ العمدة والمدار في هذا الباب على حصول القوّة القدسيّة والملكة الربّانيّة التي يقدر بها على استخراج الفرع من الأصل ، واستقامة الفهم وجودة النظر كما فسَّرها المحدِّث المحسن الكاشاني (١). والحقّ في حدّها أنّها كيفيّة راسخة في الذهن يؤتيها الله مَنْ يشاء لاستنباط الفرع من الأصل.
ولكثرة المجاهدة والممارسة مدخل عظيمٌ في تحصيلها ؛ لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢) ، وقولهم عليهمالسلام : « ما من عبد حبّنا وزاد في حبّنا وأخلص في معرفتنا وسأل عن مسألة إلّا نفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة ، وقال تعالى ( وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ) (٣) .. ».
إلّا إنّ جمعاً من المتأخّرين لم يشترطوها ، بل قال بعضهم (٤) : إنّها من المخترعات العاميّة ، مستدلّاً بأنّ المدار على فهم الأخبار ، وهو لا يتوقّف عليها ، واكتفى بمجرّد حصول ملكة يستنبط بها الحكم من السنّة ، إلّا إنّه اشترطها في بعض مصنّفاته (٥) ، ولم نعلم الأخير من الاختيارين ، إلّا إنّ ما نقلناه عنه أوّلاً لا يخلو من شيء :
أمّا أوّلاً ، فلأنّه لا داعي إلى جعلها من المخترعات العاميّة ؛ لعدم منافاتها لأُصول الإماميّة ، لما تقدّم من أنّ المراد بها استقامة الفهم وجودة النظر.
وأمّا ثانياً ، فلأنّ اكتفاءه بالملكة التي يستنبط منها الحكم راجعٌ إلى إثبات ما نفاه ؛
__________________
(١) علم اليقين ١ : ٨.
(٢) العنكبوت : ٦٩.
(٣) البقرة : ٢٨٢.
(٤) هو الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبد الجبار الخطّي رحمهالله في أجوبة بعض المسائل المهمّة. ( منه ). الشيخ سليمان آل عبد الجبار عالم فقيه ، تتلمذ على يد الشيخ محمد آل عبد الجبار ، من مصنّفاته : النجوم الزاهرة في أحكام العترة الطاهرة ، إرشاد البشر في شرح الباب الحادي عشر ، .. وغيرها كثير. توفي سنة ١٢٦٦ ه. أنوار البدرين : ٣٢٣ ٣٢٥.
(٥) هو المصابيح اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع. ( منه ).