فما ذكره من أنّ كلّ فرقة من الفرق الثلاث تخطّئ طريقة غيرها ، إنْ أراد أنّها تخطّئه ولكن تقول بحجّيّة نظره في حقّه وحقّ مقلّديه ، فهذا لا ينافي كون الموضوع إجماعيّاً ، وإنْ أراد أنّها تمنع من حجّيّة نظره في حقّه وحقّ مقلّديه فتمنع من الرجوع إليه ، فبطلانه غيرُ خفي على العارف بالطريقة.
نعم ، قد يقدح في بلوغ بعض الأخباريّة مرتبة الاجتهاد والاستنباط ؛ لعدم الاعتداد بنظره واستنباطه ، فيمنع من الرجوع إليه ، ومثله قد يتّفق بين الأُصوليّين أيضاً ، وهو أمرٌ آخر لا تعلّق له بالمقام ) (١) انتهى كلامه ، زيد إكرامه.
وهو كافٍ في ما أُريد إبرامه ، إلّا إنّ تعميمه نسبة القول بـ : ( عدم حجيّة الكتاب والعقل ، وحجيّة جميع أخبار الكتب الأربعة ) لجميع الأخباريّين غير متين ، كما لا يخفى على الناقد البصير ، ولا ينبّئك مثل خبير.
ولكن على هذا الكلام الصريح في المرام النافي للضرر الديني في هذا الاختلاف والخصام يحسن الوقوف والختام.
ختم اللهُ بالصالحات أعمالنا وبالتوبة المقبولة أعمارنا ، والمأمول من ذوي الإيمان والإنصاف ومتجنّبي طريق الاعتساف ، سَدْلُ ذيل العفو على ما يجدونه من الهَفْو ، والغضُّ عن الخطأ والخطل وإصلاح الخلل والزلل ؛ لمصادفة وصول هذه الأسئلة لعوائق مهولة ، وبوائق مذهلة ، مع قلّة البضاعة وكثرة الإضاعة ، وفقد آلات المراجعة وشروط المطالعة.
حرّرهُ بقلمه وقرَّرَهُ بكلِمة فقير ربّه المنّان : أحمد بن صالح بن طعان ، في صبيحة الجمعة ، السادس عشر من شهر شوّال خُتم بالخير والإقبال من سنة ١٣١٢ من الهجرة المصطفويّة ، على مهاجرها وآله أشرف الصلاة والتحيّة.
__________________
(١) الفصول الغرويّة / القسم الثاني : المتجزّئ في الاجتهاد. ( طبعة حجريّة غير مرقّمة ).