يدخله ، وهو الكسر الشبيه بالجرّ المختصّ بالاسم ؛ وذلك لأنّهم لمّا منعوا
الجرّ في الفعل وكانت الكسرة أصل علامات الجرّ كرهُوا أنْ يوجد فيه ما يكون في بعض
الأحوال علامةً له ، مبالغةً في الفرار والبعد عن الجرّ. وقد تكون أيضاً وقايةً
لما بني على الأصل وهو السكون عن الخروج عن ذلك الأصل ، كما في المثال المبحوث عنه
وغيره من أفعال الأمر. وما يقع من كسر آخر المضارع والأمر في بعض الأوقات كما في
قوله تعالى ( لَمْ يَكُنِ
الَّذِينَ كَفَرُوا ) ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكُمْ ) ، فعارض لالتقاء الساكنين ، ولا اعتداد بالعارض.
وأما الكثرة في
( تضربين ) فلتنزيلها منزلة الوسط حكماً لشدة امتزاج ( ياء ) الضّمير به ؛ لأنّها
فاعل ، والفعل مع الفاعل كالكلمة الواحدة ، ولكون علامة الإعراب بعد ( الياء )
المتأخّرة عنه بخلاف ( ياء ) المتكلّم ؛ لأنّها مفعول ، وهو في قوّة الانفصال.
فإنْ
قيل : إنّما يحتاج
إلى النون للفرار عن الكسرة لاستدعاء ( الياء ) انكسار ما قبلها ، وفي مثل ( دعا )
و ( رمى ) مما كان على فعل مفتوح العين معتلّ اللّام لا يلزم ذلك ؛ لإمكان أنْ
يقال : دَعاىَ ورَماىَ ، فلِمَ لزمت النّون فيهما؟.
قلنا
: ذلك إمّا
نظراً للأصل لعروض الألف ، لكونها منقلبة عن الواو في الأوّل والياء في الثاني
لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ، كما هي القاعدة الكليّة الصرفيّة ، فالكسرة إنْ لم
تلزم لفظاً فهي لازمة تقديراً ، أو أنّ ذلك كان طرداً للباب كما استعملوه في كثيرٍ
من الأبواب.
فإنْ
قيل : إنّ نون
الوقاية حرف ، فلِمَ لا صينت عن شبه الجرّ المختصّ بالاسم ، كما صين الفعل عنه ؛
لأنّ خاصّة الشيء لا توجد في غيره.
قلنا
: إنّ كسرة
النون ليست أُخت الجرّ ؛ لعدم كونها في الآخر ، والآخر إنّما يكون لما له أوّل ،
فافترق الحال وزال الإشكال.
__________________