أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ) (١) ، وعن بعضهم أنّه قال : يقع الظنّ لمعانٍ أربعة ، منها معنيان متضادّان أحدهما : الشكّ ، والآخر : اليقين الذي لا شكّ فيه. فأمّا معنى الشكّ فأكثر من أنْ تحصى شواهده.
وأمّا معنى اليقين ، فمنه قوله تعالى ( أَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً ) (٢) ، ومعناه : علمنا. وقال تعالى ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) (٣) ، ومعناه : فعلموا بغير شك. قال الشاعر :
رُبّ أمرٍ فرّجته بغريم |
|
وغيوب كشفتها بظنون |
ومعناه : كشفتها بيقين وعلم ومعرفة.
وفي حديث وصف المتّقين : « وإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم » ، أي : أيقنوا أنّ الجنّة معدّة لهم بين أيديهم ) (٤) .. إلى آخره.
وقال الهروي في ( الغريبين ) في باب الظاء مع النّون : ( قوله تعالى ( وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ ) (٥) أي : علموا ، ومنه قوله تعالى ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) (٦) ، قال الفرّاء : الظنُّ : العلم هنا. وقال دريد :
فقلت لهم ظنّوا بألفي مُدَجَّج |
|
سراتهم في الفارسي المسرَّدِ (٧) |
أي : أيقنوا بهم. والظنّ يكون شكّاً ، ويكون يقيناً ) .. إلى آخره.
وبالجملة ، فإطلاق الظنّ مراداً به العلم شائع ذائع بلا نكير ، ولا ينبّئك مثل خبير ، إلّا إنّه لمّا لم يصف به نفسه ولم يَردْ عن معدِن العلم وصفُهُ به ، لم يجز إطلاق لفظه عليه وإنْ كان بعض معانيه صادقاً عليه ، كما مرّ في الجوهر الفرد والاعتقاد.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ معناه على ما صرّح به غير واحد منّا ـ : القائم بذاته المستغني
__________________
(١) المطففين : ٤.
(٢) الجنّ : ١٢.
(٣) الكهف : ٥٣.
(٤) مجمع البحرين ٦ : ٢٧٩ ظنن.
(٥) الأعراف : ١٧١.
(٦) البقرة : ٤٦.
(٧) الصحاح ٦ : ٢١٦٠ ظنن ، لسان العرب ٨ : ٢٧١ ظنن ، تاج العروس ٩ : ٢٧٢ باب النون / فصل الظاء.