كان ذكراً ) (١) ، وأورد تلك الأخبار.
فإن قيل : لعلّ المراد بالدرع في صحيح رِبْعِي الثوب ، على أنْ يراد به الجنس لا الوحدة ، وحينئذٍ فلا يشتمل على ما لا قائل به من إسقاط الثياب.
قلنا : إنّ صريح كلام اللّغويين كالفيروزآبادي في ( القاموس ) والفخر النجفي في ( مجمع البحرين ) أنّ الدرع أنّما يطلق على قميص المرأة فقط دون الرجل (٢).
واللغة لا تثبت بالقياس حتى عند العاملين به ، وإنّما يقتصر فيها على المورد ، فاستعماله في ثياب الرجل يحتاج إلى دليل ، وليس فليس.
وإرادة الجنس من لفظ الدرع خلاف الأصل ، فيحتاج إلى دليل سديد وأنّى لهم التناوش من مكان بعيد؟! على أنّه إنْ تمّ فإنّما يتناول القُمُص المتعدّدة دون باقي الثياب ، والاقتصار عليه لم يقل به أحد من الأصحاب ، فالتزامه خروج عن نهج الصواب.
الثالث : إنّ هذه الأربعة المشهورة التي اقتصروا عليها لم يحصل اتّفاق الأخبار عليها ، وإنّما اجتمعت في جملتها ، فأُخذ من كلّ خبر فرد منها كما لا يخفى على مَنْ لاحظها. فالعمل ببعض الخبر دون بعض مع صحّته أو حسنه ترجيح لأحد المتساويين من غير مرجّح ، وهو من البطلان بمكان كما يشهد به قاطع البرهان ؛ لأنّ أَخْذَ البعض من ذلك الخبر إنْ كان لاعتباره لصحّته أو حسنه لزم أخذ ما عداه ممّا تضمّنه ، وإلّا فلا وجه للتخصيص مع عدم المخصِّص.
وصحيح رِبْعِي الثاني وإنْ اشتمل عليها كملاً ، إلّا إنّهم أعرضوا عنه ولم يفتوا بمضمونه مع صحّة طريقه وعدم ما يعارضه من كتاب أو سنّة أو إجماع مقطوع به.
والتعليل بأنّ الحبوة على خلاف الأصل وعموم الكتاب فيقتصر فيها على موضع الوفاق عليل ودليله ذليل ؛ لإفضائه إلى دفع الأخبار الصحاح الصراح بالراح لموهوم
__________________
(١) الاستبصار ٤ : ١٤٤.
(٢) القاموس المحيط ٣ : ٢٩ باب العين / فصل الدال ، مجمع البحرين ٤ : ٣٢٤ درع ، وفيه : ورجل دراع : عليه درع : أي قميص.