بخلاف الغسل ، فانه يبطل لكونه عبادة مستقلة.
قلت : ستر العورة باللباس ليس كازالة النجاسة ، بل هو كالغسل لوجوب سترها في الصلاة وغيرها ، لقوله تعالى « يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ » (١) فانه يدل على قبح الكشف ، وان الستر مراد الله.
وكيف لا يكون سترها باللباس كذلك ، وهم مطبقون على بطلان الصلاة في اللباس الحرير والمغصوب ، معللين بأن النهي هنا راجع الى شرط الصلاة فيفسدها وحينئذ فلا فرق في الساترين بين كونه ذهبا وحريرا ومغصوبا ، فان النهي راجع الى شرط العبادة ، فالفرق المذكور هنا غير مؤثر.
والاظهر أن يقال : ان دعوى الاتفاق على حرمة لبسه غير ثابت ، كيف وقد سبق النقل عن أبي الصلاح أنه قال بكراهة (٢) الصلاة في الثوب المذهب. والعقل والنقل متفقان على أن الأصل في الاشياء الإباحة ، وغيرها يحتاج الى الدليل ، فان الأصل صحة الصلاة في مطلق اللباس حتى يخرجه الدليل بخصوصه وعدم هذا التكليف وهو كف النفس ومنعها عن لباس المذهب وهو من الزينة حكم بصحة الصلاة فيه مطلقا ، ساترا كان أم لا فتدبر.
وأعلم أنهم اختلفوا في العمل بالحسن ، فمنهم من عمل به مطلقا ، ومنهم من رده مطلقا وهم أكثرون ، حيث شرطوا في قبول الرواية الإيمان والعدالة ، كما قطع به العلامة في كتبه الأصولية ، وفصل آخرون كالمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى فقبلوه ، وربما ترقوا الى الضعيف أيضا إذا كان العمل بمضمونه مشتهرا بين الأصحاب ، حتى قدموه على الصحيح ، حيث لا يكون العمل بمضمونه مشتهرا.
__________________
(١) سورة الاعراف : ٢٦.
(٢) يمكن أن يكون مراده بالكراهة هنا هو الحرمة كما قالوا في نظائره « منه ».