وذلك بأن يحصل للعالم ما هو مناط الاجتهاد في بعض المسائل فقط * ، فله حينئذ أن يجتهد فيها أو لا.
__________________
وأن يستند دعوى عدم حصول الظنّ على القول بعدم قبول التجزّي إلى فقد المقتضي له وهو أصل الملكة ، لعدم إمكان تحقّقها مع البعض ولو مع وجود الدليل ودلالة الدليل الموجود وسلامته عن المعارض الّتي هي من شروط اقتضاء المقتضي على تقدير وجوده ، لا إلى فقد شروط الاقتضاء أو وجود موانعه.
وقد يحتمل كون النزاع لفظيّا.
ومنه ما قيل على ما حكاه شارح الوافية من « أنّه لا كلام في تجزّي العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّته التفصيليّة فعلا ، فإنّ الإحاطة بجميع الأحكام الفرعيّة بالفعل غير مقدور لأحد غير المعصوم عليهالسلام ، ولو فرض مقدوريّته فهو ليس بشرط إجماعا ، وإنّما الكلام في تجزّي نفس القوّة والملكة الّتي تسمّى اجتهادا والظاهر أنّه غير معقول أيضا ، وإنّما المتجزّي الاجتهاد الفعلي لا نفس القوّة ، ولعلّ من جوّزه إنّما لاحظ ذلك فيرجع النزاع لفظيّا وإن أبته عبارات أكثرهم » انتهى.
وفيه من البعد ما لا يخفى بل ينبغي القطع ببطلانه ، وما أبعد بين ما ذكر هذا القائل من عدم معقوليّة تجزّي الملكة وبين ما ادّعاه قائل آخر من كون إنكار جواز تجزّي نفس الملكة مكابرة للوجدان ، كما حكاه السيّد في شرحه للوافية أيضا قائلا : « قال بعض الفضلاء : الحقّ أنّ التجزّي بمعنى الاقتدار على بعض المسائل دون بعض على وجه تساوي استنباط المجتهد المطلق أمر جايز بل واقع ، والمنازع فيه يكاد يلحق نزاعه بالمكابرة ، فإنّ الاقتدار ربّما كان على نوع خاص من الأحكام بل على صنف من الأنواع للانس بمداركه والاطّلاع على مأخذه واستعداد النفس بسبب ذلك استعدادا قريبا للعلم بذلك الحكم من دليله وليس هذا بمنكر ، وكيف ينكره من يسلّم تجزّي الاقتدار والاستعداد في العلوم الإلهيّة والطبيعيّة والعربيّة والشعر والإنشاء والرسائل وغيرها من الصناعات ، وأنّ الفرق بينها وبين الاستعداد القريب لاستنباط الأحكام الشرعيّة تحكّم بارد واقتراح مردود لا يرتكبه المنصف المحقّق ».
* والتعبير بحصول مناط الاجتهاد كما هنا أو بما يرادفه كما في كلام جماعة أحقّ ممّا في الزبدة من التعبير بالاطّلاع على دلائل الحكم ، وما في المحصول من التعبير بمعرفة ما ورد في المسألة من الآيات والسنن والإجماع والقياس ، لوضوح أنّ التمكّن من استنباط