الحثّ الأكيد على الأخذ بأخبارهم والعمل بها ، وهي مطلقة ليس فيها اشتراط ذلك بأن يكون للآخذ ملكة فضلا عن كونها كلّيّة » انتهى (١).
والجواب : منع وجود ما يكون من الطرق المعهودة ما يكون حجّة بالخصوص ، ومنع نهوض الدلالة شرعا عليها ، والامور المدّعى دلالتها من الآيات والروايات الّتي منها ما ذكر هنا مدخولة على ما قرّر في محلّه ، والأخبار المذكورة هنا على فرض دلالتها على الحجّية المطلوبة في المقام وفرض شمولها لمحلّ البحث ممّا لا يمكن التعويل عليه في نظائر المقام لعدم الاعتداد بدلالتها لأنّ أقصى مراتبها الظنّ ، ولا بسندها لعدم كونه علميّا ومن المستحيل إثبات الظنّ بالظنّ ، هذا إذا أراد المتجزّي أن يحتجّ بها لعمل نفسه.
نعم لو احتجّ بها غيره ممّن غرضه استعلام حكم المسألة بحسب ظاهر الشرع ممّن يرى حجّية الظنّ المتعلّق بالأخبار وغيرها سندا ودلالة وغيرها كان له وجه ، غير أنّه لا يجدي لعمل المتجزّي إذا أراد البناء على اجتهاده باجتهاده هذا ، مع أنّ آية النفر بعد الغضّ عن المناقشات المتوجّهة إليها ممّا أشرنا إليه وغيره لا تنفي جواز التقليد في حقّه بعد البناء على أنّ الإنذار المأمور به فيها أعمّ ممّا هو بطريق الرواية والفتوى والحذر المأمور به فيها أعمّ من اتّباعه بطريق الاجتهاد أو التقليد.
نعم لو احتجّ على حكم المتجزّي لعمل نفسه بما قدّمناه من الأخبار البالغة حدّ التواتر معنى القاضية بجواز التعويل على الأخبار والآثار المرويّة عن أهل العصمة في موضع الوثوق والاطمئنان بالقياس إلى الصدور لم يكن به بأس ، إلاّ أنّه خارج عن مصبّ الاحتجاج المذكور كما لا يخفى وجهه على المتأمّل.
الحجّة الخامسة
أنّ المعاصرين لزمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام كانت طريقتهم العمل بالأخبار الّتي ترويها العدول ، والجمع بين ما تعارض منها بالطرق المقرّرة كحمل العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد ، ومع التعذّر كانوا يأخذون بالأرجح والأقوى على الوجه المقرّر في الأخبار ، وهذه الطريقة لم يختصّ بمن كان منهم مجتهدا مطلقا متمكّنا من معرفة جميع الأحكام أو جملة يعتدّ بها منها بالنظر والاجتهاد ، بل كانت مشتركة بين الجميع من البالغين هذه الدرجة والقاصرين عنها ، فكان حالهم بالنسبة إلى الأخبار الّتي تروى لهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) الفصول : ٣٩٦.