خصّ بمجمل فحكمه ماذا؟ وأنّه يخصّص بخبر الواحد أو لا؟
ولا معرفة أحكام المطلق والمقيّد من أنّه في محلّ التنافي يحمل المطلق على المقيّد أو لا؟ وإنّ المطلق في أيّ موضع يؤخذ بإطلاقه وأيّ موضع لا يؤخذ به فيه؟ وإنّ الإطلاق في أيّ موضع يثبت وأيّ موضع لا يثبت؟
ولا معرفة أنّ العامّ هل يخصّص بمفهوم الموافقة والمخالفة معا أو لا يخصّص بشيء منها أو بالأوّل دون الثاني؟ وإنّ العامّين من وجه إذا تنافيا فحكمهما ماذا؟ وكيف يجمع بينهما؟
ولا معرفة أحكام تعارض الأحوال من حيث الترجيح والوقف ، وأحكام تعارض العرف واللغة وعرفي الراوي والمرويّ عنه وهكذا.
ولا ريب أنّه لا بدّ في كلّ من المذكورات وغيرها من بناء الأمر على شيء والإذعان بشيء من أطراف القضيّة ، ولا بدّ وأن يكون هذا البناء والإذعان بطريق الاجتهاد عن دليل يعتمد عليه العقل ويسكن إليه النفس ، ولا نعني من معرفة مسائل الاصول الفقه المحتاج إليها في الاستنباط إلاّ هذا ، سواء حصل هذه المعرفة بمراجعة الفنّ المدوّن حسبما هو متداول بينهم من السلف إلى الخلف ، أو بطريق آخر ممّا يقضي العادة بامتناعه خصوصا في هذه الأعصار ، وخصوصا بالقياس إلى من كان أجنبيّا بلسان العرب ، فإن كان هذا القدر مسلّما عند الخصم يعود الخلاف بينه وبين المجتهدين والاصوليّين من أصحابنا لفظيّا ، وإلاّ ترجع مقالته في نفي الحاجة إلى دعوى حصول معرفة الأحكام الشرعيّة من الكتاب والسنّة أو مطلق الأدلّة بطريق المكاشفة ، على قياس ما هو الحال في الأسباب الضروريّة الغير المحتاجة إلى استفادة المطالب منها إلى إعمال شيء من المقدّمات الخارجة عنها كما لا يخفى.
ومن المعلوم بالبداهة أنّ حدوث تدوين الفنّ لا ينافي وجود مسائله معمولا بها قبل التدوين ، وعمل قدمائنا ورواة أحاديثنا بهذه الأخبار الموجودة وبغيرها ممّا ذهبت عنّا بمرور الدهور لا يعقل من دون استحصال المسائل المشار إليها وغيرها ممّا لم نشر إليها ، كما أنّه لا يعقل من دون استحصال العلوم العربيّة وغيرها ممّا هو ملحوظ من باب المبادئ ، وعدم المنع والتقرير من الأئمّة إنّما هو لأجل وجود شرط العمل لديهم ومراعاتهم له وعلمهم عليهمالسلام بهما ، بل وفي بعض الأخبار ما يشير إلى لزوم مراعاة هذا الشرط ، ووجوب إعمال جزئيّاته الّتي هي مسائل علم اصول الفقه ، كما في قصّة ابن الزبعرى المعترض على