العقل اجتماعهما لاستحالة تخلّف ما بالذات عقلا عن الذات.
ولا ينتقض ذلك بامتناع اجتماع الضدّين الّذي قيل فيه بأنّه ليس لذاتهما بل لعارض ، وهو إمّا لعدم قابليّة المحلّ لوجود أحد الضدّين حال اشتغاله بوجود الضدّ الشاغل له ، أو لأنّ اجتماعهما يؤول إلى اجتماع النقيضين باعتبار أنّ وجود كلّ من المتضادّين في المحلّ يستلزم عدم الضدّ الآخر ، لكفاية كلّ من الأمرين في الحكم بالاستحالة العقليّة كما يظهر وجهه بالتأمّل.
وأمّا ثانيا : فلأنّ قاعدة جريان العادة لا تجري إلاّ فيما كان من آثار القدرة ، وعدم اجتماع النقيضين لا يصلح أثرا للقدرة وإلاّ كان اجتماعهما أيضا صالحا لأن يكون أثرا للقدرة ، لأنّ ما لا يكون وجوده من آثار القدرة لا يكون عدمه من آثار القدرة ، وهو كما ترى.
ولا ينافيه عموم قدرته تعالى لأنّها عامّة للممكنات ولا تتعلّق بما امتنع ذاتا كما لا تتعلّق بما يجب ذاتا ، لا لقصور في قدرة القادر بل لقصور المحلّ من حيث عدم قابليّته لتعلّق القدرة به.
وكيف كان فنحن ندّعي عدم المعقوليّة في العقول السليمة الكاملة ولا نتكلّم مع العقول المشوبة الناقصة.
وبما ذكرناه من الضابط يعلم أنّ النزاع الآتي في التخطئة والتصويب بالقياس إلى الأحكام الشرعيّة الفرعيّة غير جار في موضوعاتها ـ كلّية أو جزئيّة ، عرفيّة أو لغويّة ـ والتصويب فيها غير معقول.
نعم إذا كانت شرعيّة فربّما يتصوّر جريان النزاع المذكور فيها لكونها مطلقة أو إذا كانت من قبيل العبادات ـ على مذهب غير القاضي ـ منوطة بجعل الشارع ، نظرا إلى إمكان القول بأنّ الواقع في الامور الجعليّة كما أنّه يتبع الجعل في أصله كذلك يتبعه في وصفه باعتبار الوحدة والكثرة ، كما وقع ذلك في صلاة المسافر وصلاة الحاضر ، والصلاة عن قيام لمن يقدر عليه ، وهي عن قعود لمن يعجز عنه ، فمن الجائز تعدّد المجعول بل تكثّره على حسب كثرة الآراء والاعتقادات بخلاف الموضوعات الغير الشرعيّة.
وأمّا ما يتراءى من بعض العبائر من الحكم بتصويب المجتهدين في القبلة وما أشبهه فليس المراد به ما يوجب تعدّد أصل القبلة من عين الكعبة أو جهتها ، كيف وهي عينا وجهة أمر شخصي بحسب الواقع لا يتحمّل التعدّد الخارجي ، بل هو مبنيّ على أخذ الاعتقاد في