الكفّار عليه الثابتة بحسب الدنيا الّتي أقلّها النجاسة وإن لم يستحقّ القتل ونهب الأموال وأسر الأولاد والعيال حيث لم يكن من أهل الحرب ، والظاهر أنّه ممّا لا نزاع في ثبوته بل هو صريح كلمات الطرفين.
وقد سمعت في حكاية القول بالتصويب اعتراف الجاحظ بل العنبري أيضا بإجراء أحكام الكفر على المخالف للحقّ.
فتعيّن كون خلافهما في القضيّة الثالثة ، ورجوع قولهما إلى دعوى رفع الإثم وعدم استحقاق العقوبة في المخالف للحقّ لخروجه عن عهدة التكليف ، فهو المتنازع فيه بمقتضى صريح كلماتهم.
ولقد سمعت من العلاّمة والرازي تفسير التصويب بعدم الإثم ، فالجمهور إلى تأثيم المجتهد المؤدّي اجتهاده إلى خلاف الواقع وعدم معذوريّته في خطائه بحسب الآخرة ، وغيرهم إلى عدمه المعبّر عنه بالمعذوريّة والخروج عن العهدة.
ومرجع النزاع أنّ خطأ المجتهد في العقليّات عذرا مسقطا للتكليف فيها رافعا للإثم والعقوبة على مخالفة الواقع وعدمه.
ثمّ إنّ المكلّف في اصول العقائد إمّا مجتهد وهو الّذي يجتهد في المعارف ويحصّلها بطريق النظر والاستدلال ، أو معاند وهو الجاحد للحقّ بعد وضوحه وتبيّنه ، أو مقلّد وهو الآخذ في اصول العقائد بقول الغير مع تفطّنه بوجوب النظر متقاعدا عنه تقصيرا أو عدم تفطّنه به رأسا.
ولا ريب أنّ موضوع المسألة ليس إلاّ المجتهد ، أخذا بصريح عناوينها المشتملة على ذكر المجتهد مفردا ومجموعا ، مع ورودها في الكتب الاصوليّة ـ ولا سيّما التهذيب والنهاية ـ في مبحث أحكام الاجتهاد ، وورودها أيضا مع مسألة التخطئة والتصويب في الفروع في باب واحد ، فلا نزاع في حكم المعاند من حيث الكفر والتأثيم ، ولا في حكم المقلّد أيضا من حيث الكفر بل التأثيم أيضا مع التقصير وعدمه مع عدم التقصير ، بناء على ما تسمعه من رجوع النزاع إلى الصغرى من حيث إثبات التقصير ونفيه.
ويؤيّد خروج المقلّد عن هذا النزاع كونه موضوع مسألة اخرى ـ يأتي التعرّض لها ـ معبّر عنها بجواز التقليد في اصول الدين وعدمه ، ولا ينافيه ما تقدّم في عبارة الحاجبي وغيره من أنّ النافي لملّة الإسلام مخطئ آثم كافر اجتهد أو لم يجتهد ، لعدم قصده بذلك