إلى تعميم محلّ النزاع ، بل إلى إجراء حكم موضع الوفاق وهو المخالف المعاند في محلّ الخلاف بدليل الإجماع ، الّذي جمع العضدي بينه وبين خلاف المخالف بكونه إجماعا قبل ظهور المخالف.
ثمّ إنّ المجتهد بالمعنى المذكور أعمّ من العامي الّذي اجتهد في معارفه ، والأظهر دخوله في محلّ النزاع موضوعا وحكما كما هو مقتضى قرينة المقابلة بينه وبين المعاند والمقلّد ، ويعضده عموم أدلّة القولين ، ما مع عرفته من رجوع النزاع في المسألة إلى كون خطأ المجتهد في العقليّات عذرا مسقطا للتكليف رافعا للإثم على مخالفة الواقع وعدمه ، وهذا ممّا لا يتفاوت فيه الحال بين العالم والعامي.
ومن الأعلام من احتمل الاختصاص بالعالم حيث إنّه بعد المناقشة في أدلّة الجمهور استشكل من جهة الإجماع المدّعى في كلام جماعة من العامّة والخاصّة على هذا القول ، فقال : « ويمكن دفع هذا الإشكال بأن يقال : مراد من ادّعى الإجماع إنّما هو في حال العلماء العقلاء المجتهدين المطّلعين على أدلّة المسائل نفيا وإثباتا على التفصيل ، لا مطلق من يجتهد في دينه وإن كان عاميّا.
ودعوى أنّ المجتهد الكامل لا يخفى عليه الحقّ لو خلّى نفسه ولم يقصّر ليس بعيدا عن الصواب ، بل هي دعوى صحيحة في أغلب المسائل.
ويشهد بذلك أنّهم يذكرون هذه المسألة مع مسألة التخطئة والتصويب في الفروع في مبحث واحد » انتهى.
إلاّ أن يقال : إنّ غرضه تخصيص معقد الإجماع بذلك لا تخصيص محلّ النزاع ، وأمّا ورود المسألة في أحكام الاجتهاد وورودها مع المسألة الآتية في مبحث واحد فلا شهادة له بالاختصاص ، لأنّ المجتهد إنّما يؤخذ موضوعا في المسائل على حسبما اضيف إليه الاجتهاد ، فإن كان ممّا يتأتّى الاجتهاد فيه من العالم والعامي كان المجتهد في موضوعه أغمّ منهما ، وإن كان لا يتأتّى إلاّ من العالم اختصّ به الموضوع ، وعليه فإنّما خصّت المسألة الآتية بالعالم لأنّ الاجتهاد في الفروع لا يتأتّى من العامي بخلافه الاجتهاد في العقليّات فإنّه يتأتّى من العالم والعامي معا.
ثمّ ينبغي القطع بكون المراد من « المجتهد » أعمّ ممّن أدّى اجتهاده إلى القطع بخلاف الواقع أو إلى الظنّ به ، لوضوح أنّ النزاع إذا كان راجعا إلى كون خطأ المجتهد عذرا وعدمه