المجتهد أو مطلق المكلّف مجاهدا لنفسه بالمعنى المعبّر عنه في الأخبار بالجهاد الأكبر ، فلا يلزمه الوصول إلى الواقع لا محالة لمكان فقدان الشرط المذكور ، وأن يكون مجاهدا فيلزمه الوصول إليه لتحقّق الشرط الّذي لا يجب تحصيله لا محالة ، فلا دلالة فيها على أنّ كلّ مكلّف إذا اجتهد لا بدّ أن يصل إليه وأنّه لا يتصوّر في حقّه القصور.
ومع الغضّ عن ذلك فغاية ما يستفاد منها ـ بعد أخذ المجاهدة بمعنى الاجتهاد المعهود ـ أنّ الاجتهاد في الله سبحانه مقتضي للوصول إلى سبله ، وظاهر أنّ المقتضي قد يصادفه وجود المانع أو فقد الشرط كارتكاز الشبهة في الذهن وعدم استقامة الفطنة أو الفطرة أو السليقة فلا يقتضي.
ودعوى أنّ التعليق في الشرطيّة يفيد العلّية التامّة ولو بملاحظة إطلاق الشرط ، فيكون الاجتهاد سببا تامّا للاهتداء ، ومعناه : أن لا يكون لغيره من الامور الوجوديّة والامور العدميّة مدخليّة في ترتّب الاهتداء عليه.
يدفعها أوّلا : منع كون قضيّة الآية شرطيّة لخلوّها عن أدوات الشرط ، وعدم تبيّن تضمّن المبتدأ الموصول معنى الشرط لخلوّ الخبر عن « فاء » الجزائيّة ، فيجوز كون ذكر الصلة لمجرّد اعتبار المعرّف لمن يجري عليه الخبر من دون تأثير لها في جريانه ، على حدّ ما في قولك : « الّذي جاءك لأقتلنّه » أو ورودها مورد العلقة الناقصة الّتي مفادها السببيّة المساوقة للمقتضي.
وأقصى ما هنالك نفي احتمال التعريف بكونه أبعد ، ولا يلزم منه تعيّن إفادة تماميّة العلقة الّتي فيما بين الصلة والخبر ، كيف وهو منقوض بالاجتهاد في الفروع فإنّه في الآية ورد مطلقا ولا مخصّص له بغير الفروع.
ومن الواضح البيّن أنّ المجتهد في الفروع ليس بمأمون من الخطأ ولا من القصور الّذي يوجب عدم إمكان الوصول إلى الواقع ، فلو صحّ ما ذكر لقضى بامتناع الأمرين في الفروع ولا أظنّ الخصم يرضى بذلك.
نعم ربّما يتّجه ذلك على القول بالتصويب فيها ، غير أنّه على ما ستعرفه ضروريّ الفساد.
وثانيا : منع كون تماميّة العلّة على تقديرها مجدية في نفي القصور عن قاطبة المكلّفين ، فإنّ غاية ما تقتضيه العلّيّة التامّة ثبوت مفهوم لهذه القضيّة الشرطيّة ، فيكون مفاد الآية باعتبار المفهوم حينئذ : « إن لم يجتهد لم يهتد » وهذا ليس بعين قولنا : « إنّ من لم يجتهد