الاجتهاد إلى العالم الفقيه المجتهد ، وكذلك إمكانه وإنتاجه لغير الملتفت إليه بالخصوص مع التفاته إلى عنوان رجوع الجاهل إلى العالم وأخذ الناقص من الكامل ، فإنّ حسن رجوع الجاهل الناقص إلى العالم الكامل من ضروريّات قاطبة العوامّ والقضايا المركوزة في أذهانهم حتّى النسوان والصبيان ، لكون بقاء التكليف وقبح التكليف بما لا يطاق اللازم من إيجاب تحصيل العلم أو إيجاب الاجتهاد بالنظر في الأدلّة النظريّة في تحصيل الأحكام علما أو ظنّا وانحصار طريق الامتثال في الرجوع إلى العالم الكامل من ضروريّاتهم ، بناء على أنّ دفع احتمالي الرجوع إلى أصل البراءة والاحتياط وإن كان من النظريّات الّتي لا تتأتّى إلاّ من العلماء والمجتهدين ، إلاّ أنّ الالتفات إلى هذين الاحتمالين عند النظر في الدليل العقلي أيضا ممّا يختصّ بالعلماء والمجتهدين لأنّهم يلتفتون إليها وربّما يذكرونهما في المناقشة في الدليل العقلي دون العوامّ والأذهان الصافية والخالية عن الاحتمالات الغير الواردة والشبهات المندفعة بحسب الواقع.
ولا ريب أنّ اختلاف الأنظار في الالتفات إلى بعض الاحتمالات المندفعة لا يوجب قدحا في الدليل وإنتاجه ، ولو تطرّق إلى بعضهم احتمال الاحتياط أيضا فهو ليس بحيث يحتاج في دفعه إلى النظر في القضايا النظريّة كقاعدة نفي العسر والحرج المستفادة من الكتاب والسنّة ، لأنّ عدم كون الاحتياط طريقا يجب الرجوع إليه على التعيين في الشريعة لامتثال أحكام الله تعالى من ضروريّات الدين.
ولا ريب أنّ الاستدلال بالدليل العقلي الّذي يحرز مقدّماته بطريق الضرورة والبداهة ممّا يتأتّى ويتيسّر للعوامّ بعد التفاتهم إلى التكليف وعنوان رجوع الجاهل إلى العالم ، كيف ولو لا ذلك لانسدّ باب إثبات مشروعيّة التقليد لهم ، لتعذّر إثباته بطريق النظر والاستدلال والتقليد فيه أيضا غير ممكن لإفضائه إلى الدور.
غاية الأمر أنّه ينتج لبعضهم الرجوع إلى عالم فقيه ، ولبعضهم إلى عالم غير فقيه ، ولثالث إلى غير عالم من امّه أو أبيه أو معلّمه أو غيرهم ممّن لا أهليّة له لأن يقلّد لمجرّد اعتقاده بكونه العالم الكامل.
ولا ريب أنّه في الأوّل منتج لأصل المطلب بخلاف البواقي ، فيكون الرجوع فيها إلى الغير من التقليد الفاسد الغير المشروع بحسب الواقع ، وهذا لا يوجب قصورا في أصل الدليل العقلي ولا وهنا فيه ، لأنّه دليل مفاده حكم كبروي ولا قصور فيه من هذه الجهة ،