المخصوصين تقليدا لهم حتّى يكون الأمر بذلك الأخذ أمرا بتقليد هؤلاء ، فإنّهم فيما يروونه أو يفتون به كانوا يقصدون النقل عن أئمّتهم عليهمالسلام وإن لم يذكروه بصورة النقل.
ومن المعلوم أنّ الأخذ بما ينقله الواسطة لا يسمّى في العرف تقليدا للواسطة ، كأخذ المقلّد بما ينقله العدل عن مجتهده حيث لا يسمّى تقليدا لذلك العدل ، فالغرض الأصلي من الأوامر الواردة في الأخبار الخاصّة إخراج أصحابهم السائلين عمّن يؤخذ عنه معالم الدين عن الجهالة في الدين وبلوغ الحقّ إليهم ووصولهم إلى الواقع النفس الأمري المتلقّى منهم عليهمالسلام ، لا تحصيل موضوع الحكم الظاهري الّذي هو قول المفتي من حيث نفسه ، كما يرشد إليه قضيّة انفتاح باب العلم لهم ، فالمطلوب منهم تحصيل الواقع لا الأخذ بقول الغير تعبّدا.
وممّا يؤيّد ذلك ويؤكّده أو يدلّ عليه وصف جماعة من هؤلاء بالوثاقة والأمانة ، ومنه ما ورد في شأن زكريّا بن آدم عن عليّ بن المسيّب الهمداني قال : قلت للرضا عليهالسلام : شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال : « من زكريّا بن آدم المأمون على الدين والدنيا ».
وما ورد في العمري ـ الّذي هو وابنه من السفراء ـ عن أحمد بن إسحاق قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام قلت له : من اعامل؟ وعمّن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال له : « العمري ثقة فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع فإنّه الثقة المأمون ».
وفيه وابنه عن أحمد بن إسحاق أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك ، فقال له : « العمري وابنه ثقتان فما أديّا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان ».
وما ورد في يونس من قوله عليهالسلام : « نعم » لمّا قال له عبد العزيز المهتدي : ربّما أحتاج ولست ألقاك في كلّ وقت ، أيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال : « نعم » (١).
وبالجملة إناطة أخذ معالم الدين بالوثاقة والأمانة في هذه الأخبار تدلّ على أنّ المقصود من [ الرجوع إلى ] أصحاب الأئمّة والرواة إنّما هو التوصّل إلى الحكم الواقعي المتلقّى من الأئمّة والرواة من غير فرق في ذلك بين ما لو صدر بيانه من الجماعة
__________________
(١) رجال الكشي : ٤٨٣ رقم ٩١٠.