المذكورين بصورة الرواية أو الفتوى.
وبالجملة الأخذ من هؤلاء الأجلاّء والموثّقين كالأخذ من الإمام والنبيّ ليس تقليدا وإن كان المأخوذ صادرا منهم بصورة الفتوى.
ولو سلّم كونه تقليدا نقول : إنّ الأخبار الآمرة به مختصّة بهؤلاء الأجلاّء في حال حياتهم ، وليس فيها ما يتناول غيرهم من الأحياء ولا الأموات ، ولا ما بعد ممات هؤلاء من عامّ أفرادي ولا أزماني ولا أحوالي.
وتوهّم الدلالة على ما بعد الموت ممّا ورد في كتاب يونس عن داود بن القاسم أنّ أبا جعفر الجعفري قال : أدخلت كتاب يوم وليلة الّذي ألّفه يونس بن عبد الرحمن على أبي الحسن العسكري عليهالسلام فنظر فتصفّحه كلّه ، ثمّ قال : « هذا ديني ودين آبائي وهو الحقّ كلّه » (١).
وعن أحمد بن أبي خلف قال : كنت مريضا فدخل عليّ أبو جعفر عليهالسلام يعودني في مرضي ، فإذا عند رأسي كتاب يوم وليلة ، فجعل يتصفّحه ورقة ورقة حتّى اطّلع عليه من أوّله إلى آخره ، وجعل يقول : « رحم الله يونس رحم الله يونس » (٢).
وعن صاحب الوافية أنّه قال : « والظاهر أنّ الكتاب كان كتاب الفتوى ، فحصل تقرير الإمام عليهالسلام على تقليد يونس بعد موته ».
يدفعه ـ بعد تسليم سلامة سند الخبرين ـ : منع كون الكتاب كتاب الفتوى ، بل يكفي في منع الدلالة احتمال كونه كتاب الرواية ، ولئن سلّمنا ظهور كونه كتاب الفتوى لا دلالة في الترحيم ولا التقرير ولا التصريح بأنّه « ديني ودين آبائي » على التقليد المبحوث عنه ، لكون جميع ما في الكتاب أحكاما واقعيّة متلقّاة من أهل بيت العصمة سلام الله عليهم كما هو مقتضى كونه دينه ودين آبائه.
وقد يتوهّم الدلالة من جهة الأخبار المذكورة بواسطة المناط القطعي المستنبط منها ، وهو كون حجّية قول الحيّ في حقّ المقلّد لأجل كونه حكاية وكاشفا عن الواقع ، وهذا لا يتفاوت فيه الحال بين الحياة والممات.
وفيه : أنّ هذا على تقدير كون المخبر به هو الحكم الواقعي مسلّم ، لكنّ الحكم المفتى به فيما نحن فيه حكم ظاهري تعبّدي تابع للظنّ الاجتهادي فربّما يكون لحياة المجتهد مدخليّة في موضوعه فيرتفع بالموت ، وجعله كما لو أخبر بالحكم الواقعي قياس لا نقول به.
__________________
(١) رجال الكشّي : ٤٨٤ رقم ٩١٥.
(٢) رجال الكشّي : ٤٨٤ رقم ٩١٣.