فكما أن علومهم أجمع وراثة من رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهم يتلقّونها منه في كلّ مقام ، وهذا من ذاك ، ومؤيّدات هذا كثيرة ، فالأمر في قوس النزول والبدء ينزل إلى مقام الرسالة من مقام الولاية ، وفي قوس الصعود والعود يصعد من مقام الرسالة إلى مقام الولاية ، فجميع ما في الثاني مبادئه وموادّه ، كلّيّاته وجزئيّاته ، وتحقّق الأوّل وكمال ظهوره ووجوده المستجمع لرتب الوجود بجميع كمالاتها بالثاني.
ومن هذا يظهر وجهان آخران :
أحدهما : أن نزول الكلّيّات والمجملات وموادّ الواقعات وجميع ما فيه البداء يكون ليلة نصف شعبان في مقام الولاية العامّة ؛ لأنه منها بدأ ، وتفاصيل ذلك وجزئيّاته وكمال وجوده الظهوريّ الذي لا بدء فيه ليلة القدر ، وأوّل تمايز ما فيه البداء ممّا ليس فيه ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وكمال تميّزهما ليلة إحدى وعشرين منه ، ويقع الحتم والإمضاء ليلة الثالث (١) والعشرين منه.
الثاني : أن الإمام عليهالسلام يتلقّى ذلك في مقام الولاية ليلة النصف من شعبان من الرسول صلىاللهعليهوآله : مجملاً ، ويتلقّى ذلك منه من مقام الرسالة مفصّلاً ليلة القدر ، بسبيل الإذن الملكيّ البادئ برسول الله صلىاللهعليهوآله : ، ثمّ بواحد واحد من الأئمّة حتّى ينتهي إلى إمام الزمان عليهالسلام (٢) : ، والله العالم.
هذا ، وفي الظاهر لم نقف على عامل من الأصحاب بظواهر نصوص ليلة نصف شعبان ، بل الظاهر أنّهم مجمعون على العمل بأخبار ليالي شهر رمضان الثلاث ، وعلى تأويل أحاديث نصف شعبان ، والتأويل طرح الآية مع إمكانه أوْلى من مجرّد الطرح ، والله العالم.
نعم ، اشتهر بين العامّة والعوام أن ليلة نصف شعبان تقسم الأرزاق ، والله العالم بحقائق أحكامه.
__________________
(١) في المخطوط : ( الثالثة ).
(٢) انظر : تفسير القمّيّ ٢ : ٤٦٦.