وذلك الماء الفرات هو الماء الذي كان العرش عليه ، وهو ماء الحياة ، وهو نور الله المشار له فيما روي أن الله سبحانه وتعالى : « خلق الخلق في ظلمة ، ثمّ رشّ عليهم من نوره » (١) ، وهي ظلمة الإمكان أو الماهيّة ، وهو النور الذي خلق منه المؤمن المشار له في قولهم عليهم سلام الله ـ « المؤمن ينظر بنور الله » (٢).
وفي قولهم : « النور أبو المؤمن ، وأُمّه الرحمة » (٣).
وهو عنصر الأبرار المشار إليه في ( الجامعة الكبيرة ) أعني : عنصر الوجود وعلّته ومادّته على طبقاته وهو نور العلم وشعاع المعرفة ، كما في الكتاب أيضاً بسنده عن أبي بصير : عن أبي عبد الله : عليه سلام الله في الآية أيضاً ( لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) (٤) : « يعني لأمددناهم علماً كي يتعلّموه من الأئمّة عليهم سلام الله » (٥).
ومنه أيضاً بسنده عن بُريد : عن أبي عبد الله : سلام الله عليه في هذه الآية أيضاً قال : « ( عَلَى الطَّرِيقَةِ ) يعني على الولاية ، ( لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) قال عليهالسلام : لأذقناهم علما كثيراً يتعلمونه من الأئمّة عليهمالسلام (٦).
قلت : قوله ( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ). قال : « إنّما هؤلاء يفتنهم فيه ، يعني المنافقين ».
وقد استفاض تفسير الماء في قوله عزّ اسمه ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً ) (٧) الآية بعلم الإمام وبالإمام ، وفي غيرها أيضاً كثير ، فلا منافاة بين الأخبار ولكان كلّ واحد باعتبار مقام ، وأصل الجميع واحد ، والله العالم.
__________________
(١) جامع الأسرار ومنبع الأنوار : ٢٦٠.
(٢) الأمالي ( الطوسيّ ) : ٢٩٤ / ٥٧٤ ، بحار الأنوار ٧ : ٣٢٣ ، وفيهما : « اتّقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله » ، ٢٤ : ١٢٨ / ٩.
(٣) شرح الزيارة الجامعة ١ : ٦٢.
(٤) الجنّ : ١٦.
(٥) بحار الأنوار : ٢٤ : ٢٨ ـ ٢٩ / ٦ ، تأويل الآيات الظاهرة : ٧٠٣ ـ ٧٠٤.
(٦) بحار الأنوار ٢٤ : ٢٩ / ٧.
(٧) الملك : ٣٠.