أنه أكمل المختارين. فعدم استطاعة المؤمن أن ينتقل عن الإيمان شعاع من نور احتجاب المعصوم عمّا ينافي زينة العصمة ، والكافر لا يستطيع ترك كفره للطبع على قلبه وانتكاسه من أجل اختياره هناك ، فهو في ظلمة لا يبصر ، [ أصمّ أبكم أعمى (١) ] ، قد استدبر الحقّ باختياره ، واستحبّ العمى على الهدى باختياره ، فكان أيضاً مألوفاً. وطبعاً لا يستطيع الانتقال عنه على حدّ عدم استطاعة مفارقة الطبائع والمألوف ، أي يعسر ذلك ويشقّ جدّاً. وهذا وجه آخر.
ووجه آخر هو أن المراد بالاستطاعة المنفيّة هي الاستطاعة التي يكون مع الفعل حال الفعل لأصل القدرة أي إنه لا تتحقّق منه تلك الاستطاعة ؛ لأنّها مع الفعل حال الفعل ، وهو لا يختار ضدّ ما هو عليه ولا يقصده باختياره فلا تتحقّق منه تلك الاستطاعة ، والله العالم.
__________________
(١) في المخطوط : ( صم بكم عمي ).