و (١) هناك وجه آخر هو أن نفسه يراد به : نائبه العامّ ورسوله إلى كافّة الخلق ، وباب الجود والوجود. فلا ريب أن الله سبحانه وتعالى أخذ الميثاق منهم بأنه ربّهم ومحمّداً رسول الله : وعليّاً أمير المؤمنين : والمعنى على حدّ ما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنا عين الله ، وأنا قلب الله ، وأنا يد الله » (٢).
وشبه ذلك من الإضافات التي خصّهم الله بها إظهاراً لعظيم شأنهم ، فيكون المعنى : أراهم نائبه العامّ ووجهه ودليله الأعظم ، وعرّفهم إيّاه ، وأنه هو في كلّ مقام حتّى في رتبة الحسّ الظاهريّ والمشعر البصريّ ، ولله الحجّة البالغة ، فهو الدليل [ إلى (٣) ] الله في كلّ مقام.
وهذا قانون ينفع الناظر في موارد كثيرة ، ويظهر به معنى كثير من أخبار أهل العصمة عليهمالسلام مثل : « ما رواه الشيخ حسن بن سليمان : بسنده عن زُرارة : قال : قلت لأبي جعفر عليهما سلام الله ـ : أصلحك الله ، قول الله عزوجل ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها ) (٤)؟ قال : « فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة أنّه ربّهم ». قلت : عاينوه؟ فطأطأ رأسه ثمّ قال : « لولا ذلك لم يعلموا مَن ربّهم ، ولا مَن رازقهم؟ » (٥).
فهذه المعاينة على سبيل ما قال أمير المؤمنين ـ سلام الله عليه ـ : لمّا سئل : أرأيت ربّك يا أمير المؤمنين :؟ قال : « لم أكن لأعبد ربّاً لم أرَه ». قال : وكيف رأيته؟ قال لم ترَه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان (٦).
أي إنهم عرّفهم نفسه ، فعرفوه في مجالي صفاته وأسمائه الحسنى وآياته ومقاماته التي لا تعطيل لها. فهو سبحانه الشاهد بأنه لا إله إلّا هو ، لا معبود سواه ، ولا ربّ غيره ، الظاهر لعباده بأسمائه وصفاته. قال الحسين سلام الله عليه ـ :
__________________
(١) في المخطوط بعده : ( عليك ).
(٢) التوحيد : ١٦٤ / ١ ، وفيه : « أنا علم الله ، وأنا قلب الله الواعي ، ولسانه الله الناطق ، وعين الله ، وجنب الله ، وأنا يد الله ».
(٣) في المخطوط : ( على ).
(٤) الروم : ٣٠.
(٥) مختصر بصائر الدرجات : ١٦٠.
(٦) المصدر نفسه.