باب العلم بأنّ شيئاً منها كلام الله ، فتبطل [ حججه (١) ] أجمع.
نعم قال الشيخ الرضيّ : ( لا نسلّم تواتر كلّ واحدة من قراءة السبعة ) وهذا إن أراد به أن المتواتر منها ما اجتمعت السبعة عليه دون ما اختلفوا فيه ، فقد خرج بهذا شطر القرآن أو نحوه عن كونه قرآناً على اليقين ، والظنّ لا يغني هنا شيئاً ؛ فلا يحترم ، ولا يجوز الاستدلال به ولا قراءته في الواجب. وهذا ضروريّ الفساد من وجوه ، ومستلزم للتكليف بالمجهول ، ومخالف لضروريّ الملّة ، فضلاً عن المذهب ، مع أن الطريق الذي ثبت به تواتر ما اتّفقوا عليه حاصلٌ فيما اختلفوا فيه ؛ فإنّ مجرّد اتّفاقهم لا يدلّ على تواتر ما اتّفقوا عليه.
وإن أراد أن المتواتر هو ما اتّفقوا عليه وأحد ما اختلفوا فيه غير معلوم بعينه ، لزم التكليف بالمحال وحجّيّة ما لا سبيل إلى معرفته والاستدلال بما لا يستطاع التوصّل إليه على كلّ حال. فشطر القرآن لا يعلم كونه قرآناً ؛ إذ كلّ واحدة من قراءة السبعة مشكوك في كونها قرآناً وفي تواترها.
نعم ، هذا ينطبق على القول بأنّ الحقّ واحد غير معلوم ، وهذا ضروريّ البطلان إجماعاً.
وإن أراد معنًى غير هذا فهو أعلم به.
وبالجملة ، فظاهر هذا الكلام اجتهاد في مقابلة الدليل ، ومنعٌ للدليل بلا دليل ، فإنّ جميع الأُمّة منذ كُتبت المصاحف العثمانيّة إلى عصرنا هذا مطبقة على اليقين من حرّها وعبدها ، ذكرها وأُنثاها ، صغيرها وكبيرها ، جاهلها وعالمها ، مؤمنها ومسلمها أن ما بين الدفتين كلام الله ، وأنه يجب احترامه وتعظيمه ، وأنه لا يمسّه إلّا المطهّرون ، وعلى أنه كلّه حجّة ودليل ومعجزة في سائر الأعصار والأمصار.
فلو فرض أن الرضيّ : مخالف في جزئيّ وحاشاه لم يضرّ بالإجماع الذي سبقه ولحقه وعاصره.
__________________
(١) في المخطوط : ( حجية ).