فثبت بما قرّرناه تواتر كلّ واحدة من قراءات السبعة بلا شكّ ، ولا نسلّم تواتر العشرة.
وقد وقفتُ بعد هذه الكتابة على كلام للنيسابوري : في تفسيره يؤيّدها قال : ( القراءات السبع متواترة ، لا بمعنى أن سبب تواترها إطباق القرّاء السبعة عليها ، بل بمعنى أن ثبوت التواتر بالنسبة إلى المتّفق قراءته كثبوته بالنسبة إلى كلّ من المختلَف في قراءته ، ولا مدخل للقارئ في ذلك إلّا من حيث أن مباشرته لقراءته أكثر من مباشرته لغيرها ، حتّى نسبت إليه. وإنّما قلنا : إن القراءات السبع متواترة ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لكان بعضٌ غير متواتر كـ ( ملك ) ، ( ومالك ) (١) ونحوهما ؛ إذ لا سبيل إلى كون كليهما غير متواتر ، فإنّ أحدهما قرآن بالاتّفاق. وتخصيص أحدهما بأنه متواتر دون الآخر تحكّم باطل ؛ لاستوائهما في النقل ، فلا أولويّة به ، فكلاهما متواتر ، وإنّما يثبت التواتر فيما ليس من قبيل الأداء كالمدّ ، والإمالة ، وتخفيف الهمزة ، ونحوها ) (٢) ، انتهى.
وهو موافق لما قلناه وإن كان في استثناء بعض ما استثناه نظر ، والله العالم بحقيقة الحال.
__________________
(١) الحمد : ٤.
(٢) تفسير غرائب القرآن ١ : ٢٣.