وأمّا الساعة فهي غاية الأربع الجامعة لعللها ، وهي سرّها وباطنها وغيبها ، فيجري فيها ذلك كلّه بما يناسبها ، فوقتها ومكانها يرجع إلى الرتبة مثلاً ، فإنّها ليست من الزمانيّات والمكانيّات المعروفة ( لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلّا بَغْتَةً ) (١) ولهذا ترى الرسول صلىاللهعليهوآله : إذا سئل عن زمانها أو مكانها يجيب بمثل هذا لعلمه صلىاللهعليهوآله من السائل أنه يطلب لها زماناً ومكاناً (٢) بما يعقله منهما.
فنفي علمه بها على معنى أن ليس لها زمان ولا مكان ، وليست من الزمانيات ولا من المكانيات ، بل يستحيل كونها كذلك بالمعنى المتداول ، فهو يقول للسائل إنّها ليست زمانية ، فلا أعلم لها زماناً ، ولا مكانية فلا أعلم لها مكاناً حتّى أُخبرك بذلك ، بل هي فوق دائرتهما. والسائل يطلب بسؤاله عن زمانها ومكانها المستحيل ، لأنه يطلب زمان ما لا زمان له ، ومكان ما لا مكان له ، بل يستحيل أن يحويه الزمان والمكان ، والرسول صلىاللهعليهوآله : يجيبه بألطف جواب وأجمع صواب ، وأبلغ خطاب وأجمل جلباب ، والله العالم بالصواب.
__________________
(١) الأعراف : ١٨٧.
(٢) أي أعلم أن ليس لها زمان وليس لها مكان فكيف أُخبرك عن هذا؟ فهو من قبيل ( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) الرعد : ٢ بناء على القول بأن ( تَرَوْنَها ) صفة لعمد فيكون المعنى : بعمد لا ترونها. انظر مجمع البيان ٥ : ٣٥٤ ، الكشاف ٢ : ٥١٢.