و ( ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ) إشارة إلى الرزق ، ( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) (١).
( وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) من أراضي الآفاق والأنفس والطبائع ؛ لأنها فطرت على الاختيار وكمال تحقّقه حين الوقوع.
فهذه الأربع جمعت كليّات العالم وجزئياته.
وأمّا الساعة : فهي غاية الأربع ومقام جامعيّتها وروحها وسرّها وباطنها وغيبها ، فيجري فيها ذلك كلّه بطريق أوْلى ، إلّا إنه في الرابع بالنسبة إليها [ بمعنًى (٢) ] غير الآن الزماني ، فإنّ زمانها ووقتها غير المعنى الزماني ، بل هو روحه وغيبه وباطنه وسرّه ، بل بمعنى الرتبة ظاهراً ، وإلّا فالزمان كغيره له روح في عالم الغيب وحقيقة ، فتزيد بأنّهم لا يعلمون زمانها ؛ لأنّها ليست من الزمانيّات ، فلا زمان لها حتّى يعلموه ( لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلّا هُوَ ) (٣).
ولهذا ترى الرسول صلىاللهعليهوآله إذا سأله سائل عن زمانها أو مكانها يجيبه بمثل ذلك في القرآن ، فليس هو يهمل الجواب ولا يردّ سائلاً عن بابه بل يجيب بأعلى جواب ، ويكشف الحال بأبلغ مقال ، ويخبره حينئذٍ أنها لا زمان لها ؛ إذ ليست من الزمانيات حتّى يخبره بزمانها ، ولا من المكانيّات حتّى يوقفه على مكانها ؛ لأنّها فوق نقطتي الزمان والمكان.
نعم لها مكانة ، والسائل يطلب معرفة زمانها أو مكانها ، وهو يطلب المحال ؛ لأنه يسأل عن زمان ما لا زمان له ومكان ما لا مكان له ، فيجيبه الرسول صلىاللهعليهوآله بألطف خطاب وأصوب صواب وأجمل جلباب ، والله العاصم والهادي.
__________________
(١) الذاريات : ٥٨.
(٢) في المخطوط : ( جمعنا ).
(٣) الأعراف : ١٨٧.