وفعل بآل محمّد ما فعل ». قلت ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ) (١)؟ قال : « والله ، هو أمير المؤمنين : وشيعته فلهم أجر غير ممنون ». قلت ( فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) (٢)؟ قال : « مهلاً مهلاً لا تقل هكذا ، هذا هو الكفر بالله ، لا والله ما كذب رسول الله بالله طرفة عين » قلت : فكيف هي؟ قال : « أفمن يكذبك بعد بالدين؟ والدين أمير المؤمنين » (٣).
أقول وبالله المستعان ـ : اعلم أنّ لكلّ شيء ظاهراً وباطناً ، والباطن الحقيقة ، والمظهر المجاز ، فكلّ ما في عالم الأجسام له حقيقة روحانيّة عقليّة هي كالروح والعلّة للجسمانيّ. ولعلّ تخصيص الحسن عليهالسلام : بالتين ؛ لما فيه من كثرة المنافع والطيب واللذّة والسهولة ، والزيتون بالحسين عليهالسلام : ؛ لما استجنّ فيه من النتيجة النورية والدهن المبارك. والحسين سلام الله عليه ـ : خصّ بكون الإمامة في صلبه ، وهذا هو الفرق بين التين والزيتون.
وعبّر عن علي عليهالسلام : بطور سينا ؛ لأنه مظهر تجلّي الولاية العظمى. وطور سينا : من عرصات التجلي ومهابط الوحي ؛ ولأنه الذي تجلّى لموسى عليهالسلام : في طور سينا من نوره مثل سم الإبرة ؛ ولذا ورد أن الغريّ المقدّس من طور سينا (٤) ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله : عُبّر عنه بالبلد الأمين (٥) ؛ لأنه مدينة العلم كما قال (٦) ، وما كان الله معذبهم وهو فيهم (٧) ، فهو الأمين الجامع ، والأمان الشافع ، فمن استقام على طاعته سلك سبيل الأمن في الدنيا والآخرة.
وأمّا خلق الإنسان في أحسن تقويم ؛ فلأنّ الله خلقه في أكمل صورة وجامعيّة وقابليّة ليكمل له الاختيار لما هداه له من النجدين وتتمّ عليه الحجّة في الاختيار.
__________________
(١) التين : ٦.
(٢) التين : ٧.
(٣) بحار الأنوار ٢٤ : ١٠٥ ـ ١٠٦ / ١٥.
(٤) معاني الأخبار : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ / ١ ، وفيه : « ( وَطُورِ سِينِينَ ) : الكوفة ».
(٥) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٤٤.
(٦) مناقب أمير المؤمنين ( ابن المغازلي ) : ٨٠ ـ ٨٥ / ١٢٠ ـ ١٢٦.
(٧) إشارة إلى قوله تعالى : ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) الأنفال : ٣٣.