في الأعداد ، وأوّل الأفراد على قول. وله وجه في الجملة ، فهي روح كلّ عدد بوجه. وكالهيولى لجميع الأعداد بوجه ، وكالصورة بوجه. وإلى أوّل فرد ظهر فيه التركيب من الوجود ، وإلى مقام أمر العقل بالإدبار. ففيه حينئذٍ ثلاث جهات : جهة إلى ربّه ، وجهة [ إلى ] نفسه ، وجهة إلى الخلق. ولتكون المغرب والعشاء وهما مجموع صلاة الليل المحض سبعاً فيُسدّ بكلّ ركعة منهما باب من جحيم الهيولى التي تشبهها ظلمة الليل ؛ ولهذا تستوحش نفوس عامّة البشر (١) من الأموات في الليل ، وتنفر منهم طباعهم أشد من النهار بكثير ؛ لرجوع الميّت إلى شبه الهيولى الصرفة ، والليل كذلك ، [ فتشتدّ (٢) ] الوحشة ؛ لشدّة وحشة عرصات الهيولى وظلمة سبلها. فالنفوس تستوحش من اجتماعهما أشدّ من استيحاشها من كلّ منهما منفرداً ؛ لما في اجتماعهما من تضاعف علّة الوحشة.
فالثلاثيّة برزخ بين أصل فرضها ونهاية زيادتها ، وبسيطها ومركّبها ، وخصّت بالمغرب ؛ لضيق وقت فضيلتها ، وهو أضيق الأوقات ؛ ولأنّها واقعة بعد التكليف برباعيّتين ؛ إذ أوّل ما فرض منهما الظهر ؛ ولذا كانت هي الوسطى على الأشهر الأظهر. وفيه إجماع منقول ، ولأنّ المغرب واقعة أيضاً في الحدّ المشترك بين محض النور والظهور والظلمة والستور ، فهي كرتبة البرزخيّة بين الهيولى المحض والصورة التامّة ، ولأنّ وقتها أيضاً برزخ بوجه ، والبرزخ يجمل فيه بعض ما فصّل في الكثرة ، ويصنّف بعض ما شخّص ، وينوع بعض ما صنّف ، ويجنّس بعض ما نوّع.
ومن هذا يظهر أيضاً وجه في كون الصبح ثنائيّة. ولأنّ المغرب والصبح في حال يشبه السفر ، بل هو سفر بوجه ؛ لأنه حركة ونقلة من ضدّ إلى ضد : من النور إلى الظلمة ، ومن الظلمة إلى النور ، ومن وقت الحياة وهي اليقظة إلى وقت الموت وهو النوم وبالعكس ، ومن شأن السفر التخفيف والقصر بمقتضى رأفة اللهِ بالعباد.
وكان الصبح بلا زيادة أصلاً ؛ لأنّ وقتها أعلى من وقت المغرب ، وهي أشرف
__________________
(١) في المخطوط : ( البشري ).
(٢) في المخطوط : ( فتشد ).