طرفا الإفراط والتفريط. ويزيدك بياناً ما رواه في ( نور الثقلين ) عن ( العياشي ) (١) أيضاً عن الباقر عليهالسلام : أنه قال : « يا بنيّ ، عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوها » (٢) ، قال : « وكيف ذلك يا أبه »؟ قال : « مثل قوله تعالى : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) (٣) » (٤).
فأشار إلى أن غلّها إلى العنق وبسطها كلّ البسط هما السيّئتان ، وابتغاء السبيل بين ذلك هي الحسنة بينهما. فتمثيله عليهالسلام بالآيتين قرينة على إرادة ما قلناه وعلى أن المراد من الإطلاق : العموم في كلّ شيء. وإنّما أفرد الضمير في « تمحوها » (٥) ؛ لأنه لا يمكن أن يسلك شخص الطرفين معاً في شيء واحد من جهة واحدة شخصيّة.
فإذن لا يتحقّق عليه إلّا سيّئة واحدة هي إمّا طرف الإفراط ، أو التفريط ، فالحسنة تمحوها ، والله العالم بمقاصد أوليائه.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ : ٣٤٢ / ١٧٩. وليس هو حديثاً مستقلا بل هو الحديث الأوّل عينه ، وقد استشهد به الإمام عليهالسلام في الآية (١١٠) من الإسراء أوّلاً ، ثم في الآية (٢٩) من السورة نفسها تحت الرقم : ١٧٩.
(٢) في المصدر : « تمحوهما ».
(٣) الإسراء : ٢٩.
(٤) تفسير نور الثقلين ٣ : ١٥٩ / ١٧٩.
(٥) لاحظ أن في تفسير العياشي ونور الثقلين : « تمحوهما ».