وعنه عليهالسلام أنه قال : « نزلت في الإمام القائم عليهالسلام : يقول : إن أصبح إمامكم غائباً عنكم لا تدرون أين هو ، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماوات والأرض وحلال الله وحرامه؟ ».
ثمّ قال : « والله ما جاء تأويل هذه الآية ، ولا بدّ أن يجيء تأويلها » (١).
أقول وبالله المستعان ـ : لا ريب في أن الإمام عليهالسلام يطلق عليه لفظ ( الماء ) ، وهو كثير في الأخبار ؛ لأنه الماء الذي حمّله الله علمه ، وهو أول الكائنات ، ولأنه مادّة حياة جميع الخلق ؛ فإنّ حياة الأرواح به ، والأجساد بها ؛ فهو روح الأرواح وعلّة النجاح. فإمام كلّ قوم ماؤهم أي مفيض علمهم ، وعلّة علمهم ، وعلمهم حياتهم ، فحياة كلّ شخص بقدر علمه شدّةً وضعفاً ، بل هي علمه. فعلم كلّ مخلوق وجوده ، فوجوده حياته. فظهر بهذا صحّة تسمية إمامنا ماءَنا ، وتسمية علمنا المفاض منه ماءنا ، فإنّ علمنا من فاضل علمه بلا تنافٍ.
وأمّا تأويل غوره بغيبته فظاهر ؛ إذ لا يمكن عدمه بحال ؛ فالحجّة مع الخلق ، وقبل الخلق ، وبعد الخلق ، فأقصى ما يقال في معنى غوره : غيبته عن الحواسّ والأبصار ، لا عن العقول والبصائر. ومن الظاهر أن تأويلها بذلك لم يقع إلى زمن الرضا سلام الله عليه : وإنّما وقع بعد مضيّ أبي محمّد سلام الله عليه : نسأل الله الفرج برحمته ، وأن يجعلنا ممّن سقاهم ربّهم شراباً طهوراً بعفوه وكرمه ، والحمد لله ربّ العالمين.
__________________
(١) كمال الدين : ٣٢٥ ـ ٣٢٦ / ٣.