الدم فيها ، وقدمت على التمييز والصفة ، وأمر بالرجوع إليها في عدّة موارد عند الاشتباه ، جعلها فيها دليلاً على الحيض (١) ، فهي تدلّ على أن ذات العادة طبيعتها في حيضها ذلك.
وبقي الاشتباه فيما زاد عن العادة إلى تمام العشرة ، لإمكان كلّ منهما فيه ، فكلّ جزء من ذلك الزمان يحتمل أن يكون دمه هو الطبيعيّ وهو الحيض وأن يكون دمَ الاستحاضة وهي المرض العارض وقد تعارض فيه الدليلان بلا مرجّح. فالإجماع على أن كلّ دم أمكن أن يكون حيضاً فهو حيض يرجّح كونه حيضاً.
ويؤيّده قضاء الوجدان باختلاف العادة في الحيض باختلاف المزاج بالسنّ وغيره.
ويؤيّده أيضاً أن آخر لحظة من العادة دمها حيض بلا شبهة ، فمن البعيد جدّاً أن تكون اللحظة الّتي تليها بلا فصل استحاضة. وهكذا تتوالى اللحظات متصاعدة إلى تمام العشرة. بل قطع بعض الأفاضل بأنّ اللحظة الثانية بل ما هو أكثر من لحظة ولحظتين وَثلاث حيض ، بل ظاهره نسبة القطع بذلك إلى الفقهاء.
ويدلّ أيضاً على كونه حيضاً استصحابُ حيض العادة فيما زاد عنها إلى تمام العشرة ، حتّى يثبت الناقل عنه.
ويدلّ عليه أيضاً الأخبارُ الكثيرة الآمرة لها حينئذٍ بالاستظهار ، حتّى قال جماعة (٢) بوجوبه عملاً بظاهر الأمر ؛ إذ لا معنى للاستظهار إلّا الحكم بكون الدم حيضاً ؛ لما يلزمها في مدّته من أحكام الحيض.
ويدلّ عليه أيضاً أصالة عدم حدوث المرض ، وهو دم الاستحاضة ، ويدلّ على كونه حينئذٍ دم الاستحاضة كون العادة دليلاً شرعيّاً على أن ما زاد عنها ليس بحيض عند الاشتباه في موارد كثيرة معلومة عند الفقيه ، بل عادة الأهل والأقران جعلها الشارع دليلاً على عادة الأمثال ، وعلى أن ما زاد عنها ليس بحيض عند الاشتباه. وقدّمت العادة على الصفة والتمييز كما مرّ ، فلا شبهة في أن العادة دليل
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢ : ٢٨١ ، أبواب الحيض ، ب ٥.
(٢) النهاية ( الطوسيّ ) : ٢٤ ، وهو المنقول عن المرتضى في مصباحه. انظر المدارك ١ : ٣٣٣.