في وجوب العبادة عليها حينئذٍ ، فارتفع الإشكال ، وشفى الله الداء العضال ، وظهر عدم لزوم علّيّة غسلها لوجوب ما كان مندوباً أو مباحاً كما تخيّل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنه لا يمكن استمرار اشتباه دم ما زاد على العادة ، لما يلزم من ارتفاع التكليفين أو أحدهما أو التكليف بالنقيضين ، وللقطع بأنّ أكثر الحيض عشرة ، فجعل الشارع بحكمته برهان تعيين أحدهما وإظهار ما هو الواقع منهما في ذلك الحال في نفس الأمر هو الانقطاع على العشرة والعبور عنها ؛ فإن انقطع عليها ترجّح دليل الحيض وانكشف أن ما زاد على العادة حيض ، وإن عبرها ترجّح دليل الاستحاضة وانكشف أن ذلك الدم استحاضة ، ليظهر بذلك ما في نفس الأمر منهما.
فهذا ملجأ وميزان عدل ، ويؤيّد أنه مع عبور العشرة استحاضة إن اللحظة التي تلي العشرة بعدها بلا فصلٍ استحاضة بالإجماع ، فبعيدٌ كون اللحظة التي [ تسبقها ] (١) من العشرة قبلها بلا فصل حيضاً لبعد تغيّر المزاج وحدوث المرض بين ذينك اللحظتين جدّاً. بل قَطَع بعض الأفاضل بأنّهما استحاضة ، بل نقل القطع به عن الفقهاء. وهذا واضح في المشهور بين الفقهاء ؛ لحكمهم بأنه مع العبور استحاضة كلّه ، بل الظاهر أن ذلك إجماع. فهكذا اللحظات المتوالية متنازلاً حتّى تصل إلى أيّام العادة.
وبما أوضحناه ظهر دليل الفقهاء على وجوب قضاء عبادة أيّام الاستظهار مع العبور بلا شبهة ؛ لأنّ ذلك جعله الشارع دليلاً على أن ما زاد على العادة استحاضة فتجب فيها العبادة ، وقد فاتت ؛ فيجب قضاؤها بالدليل العامّ من وجوب قضاء الفوائت من العبادات ممّا دلّ الدليل على وجوب قضائه.
فلا وجه لاستشكال بعض المتأخّرين في ذلك ، وليس الدليل منحصراً في الدليل الجزئيّ بالضرورة ، والله العالم.
__________________
(١) في المخطوط : ( تليها ).