بعدم الفرق بين المستخرج بالشدخ والمرس وشبههما ، وبين المستخرج بالتصعيد بالقرع والإنبيق ، فإنّه أيضاً معتصر من جسم فيدخل فيه المصعد من الماء المطلق ، فهو إذن مضاف ؛ لأنه مصعّد من جسم.
ويؤيّده أنه مساوٍ للمياه المصعّدة في صحّة إطلاق اسم العرق عليه. ونمنع صحّة إطلاق اسم الماء عليه بالإطلاق ، بل يقال : عرق الماء أو ماء الماء كماء الورد ، فيصحّ سلب الماء على الإطلاق عنه ، فيقال : ليس هذا بماء ، بل عرق ماء أو ماء ماء.
ولعلّ الأوّل أرجح ؛ لما ذكر ، أمّا إطلاق العبائر بأنه المعتصر من الأجسام ، فالظاهر منها والمتبادر إرادة الأجسام التي ليست بماء مطلق. ولو أُريد منها ما يشمل الماء المطلق لنبّهوا عليه ؛ لأنه فرد خفيّ جدّاً لا ينصرف الإطلاق ولا تتبادر الأذهان إليه ، وللزم سلب اسم الإطلاق عن ماء بحر وماء فرات مُزجا مزجاً يغيّر أحدهما إلى طعم الآخر أو لونه أو ريحه ، حيث قالوا في تعريف المضاف : إنه المصعّد من جسم أو المخالط له كذلك. وأيضاً فالظاهر أن المصعّد من المطلق لو أُضيف إلى المطلق غير المصعّد لم يسلبه اسم الإطلاق عرفاً وإن زاد قدره عليه.
وأمّا مساواته لغيره من المصعّدات في صحّة إطلاق العرق عليه فلا نسلّم أنّها تخرجه عن صحّة إطلاق المطلق عليه لغة وعرفاً. ولا نسلّم أن كلّ ماء أصله بخار يصحّ سلب إطلاق المطلق عليه عرفاً أو لغة ، بل ولا شرعاً ؛ لعدم الدليل عليه ، فهذا الصقيع أصله بخار [ استحال (١) ] ماءً ، بل والمطر أيضاً كذلك. بل لو قال قائل : إن كلّ ماء ينتفع به البشر في الأرض أصله بخار قد [ استحال (٢) ] ماءً ، لصدق.
فظهر ضعف صحّة سلب الماء عنه على الإطلاق وكذا تسميته عرفاً ماءً ، فإنّها ممنوعة على الإطلاق. هذا ، وللتوقّف مجال ، والأخذ بالاحتياط ويقين البراءة في العبادات مطلوب ، بل واجب مهما أمكن ، والله العالم.
__________________
(١) في المخطوط : ( احتال ).
(٢) في المخطوط : ( احتال ).