يا أبا شبل : إذا تمّت خمسة أشهر فقد صار فيه الحياة ، وقد استوجب الدية » (١) ـ [ فغير (٢) معارض لما سبق ؛ لأنّ الأوّل هو مشهور الفتوى ، ولأنه أكثر رواية ، ولأنه أوفق بالمعقول وبالطبيعي. وإن هذا ليس فيه حصر.
ويمكن أن يراد بالحياة التي تصير فيه بتمام خمسة أشهر : هي النفس الناطقة الإنسانيّة ، وقبلها هو بمنزلة الحيوان وإن كان مستعدّاً لقبول الناطقة ، فباستعداده التامّ لها يثبت على مسقطة بغير حقّ دية الإنسان ، فبعد تحقّقها بكمال الخامس بطريق أولى.
أو لعلّ المراد بها : تركيب عقله فيه ، فمن البشر من خلط عقله بنطفته ، وهم الأقلّون عدداً الذين إذا القي لهم أوّل الكلام فهموا آخره.
ومنهم من ركب عقله فيه بعد تمام خلقته في بطن امّه ، وهم الأكثر الذين إذا القي لهم الكلام بتمامه فهموه.
ومنهم لا يركّب عقله فيه إلّا بعد الولادة.
فالكلّ درجات أيضاً ، فلعلّ الخبر جرى على حال الأكثر ، ونهاية تأخير تركيب عقله فيه كمال خمسة أشهر ، لأنه بعد كمال الخمسة يمكن أن يولد فيعيش مع أنه ممن ركّب [ عقله (٣) ] فيه وهو في بطن امّه ، فلا مخالفة في حديث أبي شبل.
وأمّا ما رواه في ( قرب الإسناد ) عن البزنطيّ : أنه سأل الرضا عليهالسلام : أن يدعو اللهَ لامرأته ، فقال عليهالسلام : « الدعاء ما لم تمضِ أربعة أشهر » ، ثمّ قال عليهالسلام : « إنّ النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوماً ، وتكون علقة ثلاثين يوماً ، وتكون مضغة ثلاثين يوماً ، وتكون وغير مخلّقة ثلاثين يوماً ، فإذا تمّت الأربعة الأشهر بعث الله إليها ملكين خلّاقين يصوّرانه ويكتبان رزقه وأجله وشقيّاً أو سعيداً » (٤) ، فلعلّ معناه أنها تكون نطفة خالصة ثلاثين يوماً ، ثمّ عشرة برزخاً [ علقة
__________________
(١) الفقيه ٤ : ١٠٩ / ٣٦٦ ، باختلاف.
(٢) في المخطوط : ( غير ).
(٣) في المخطوط : ( علق له ).
(٤) قرب الإسناد : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ / ١٢٦٢.