أصل الخلق من الماء المالح ، كما ينبّهك عليه اختلاف قابليّة البشر للمعاصي وللكفران ، فإنّ تلك المطاعم والمشارب مادّة نطفة الكافر والمؤمن ، والبرّ والفاجر ، والطائع والعاصي.
فالحلال الحقيقيّ ما خلص من ذلك المزج بالكلّيّة ، والمعصوم لا يأكل إلّا الحلال بهذا المعنى ، حتّى لو أكل شقّ تمرة وأكل غيره الشقّ الآخر كان ما أكله المعصوم هو الحلال الخالص دون ما سواه. فإنّه ربّما كان مشوباً ، ولا يلزم من خلط جزء السمسمة خلط الجزء الآخر ، ولا من خلوص جزء خلوص جميع الأجزاء ، ولا يتيسّر قوت المعصوم لغيره ، ولا يعرفه إلّا هو ولا يخفى عليه بحال.
الثاني : ما هو المتعارف بين الفقهاء ، وهو الذي عبر عنه السائل بالكسب الطيّب ، وعبّرت عنه الآية الكريمة بقوله عزّ اسمه ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (١) ، وما حرّمه الكتاب والسنة من الطاعم والشارب.
__________________
(١) البقرة : ١٨٨.