وربّما أوهم القيد إمكان الافتراق بعد الورود ، مع أنه قد ثبت بالبرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً عدم إمكان افتراقهما.
والجواب من وجهين :
أحدهما : أنه إذا ثبت التلازم وامتنع الافتراق إلى تلك الغاية والرتبة وهي ورود الحوض ثبت أبداً ، لأنّ ذلك المقام هو غاية إمكان الافتراق بين المتلازمين بالإمكان العامّ ونهايته. ولا أعني بالإمكان العامّ معناه باصطلاح مشهور متأخّري أهل الميزان ، فإنّ إطلاق الإمكان على ذلك المعنى منظور فيه. فإذا تحقّق التلازم بينهما وانتفى الافتراق عنهما إلى تلك الحال تحقّق التلازم وانتفى الافتراق أبداً.
فما ثبت تلازمهما إلى تلك الغاية لا يمكن افتراقهما أبداً ؛ لأنه مقام ظهور اللازم الذاتي وملزومه بعنوان الوحدة وضرب من الاتّحاد.
الثاني : قد عرفت أنّهما قبل الورود بحكم مقام الرسالة العامّ أعني : مقام كتاب وإمام ، وقارئ وقرآن شيئان متعدّدان متمايزان ، الإشارة لأحدهما تغاير الإشارة للآخر في مقام الحسّ ، وأنّهما متلازمان لن يفترقا في حال بوجه أصلاً ، حيث إن ثبوت التلازم بين الشيئين وصدق إطلاقه عليهما يقتضي التعدّد والاثنينيّة. وبعد ورودهما عليه صلىاللهعليهوآله الحوض يظهر حكم وحدتهما واتّحادهما ، فهناك يصدق أن يقال : لا قرآن وإمام قارئ ، ولا اثنينيّة ، بل الكتاب حينئذٍ يظهر كونه صفة الموصوف ، وهو ذات العترة ، والعترة ذات صفتها الذاتيّة الكتاب ، أو قل : جسد عقله الكتاب.
فالوارد ذات صفة ذاتيّة ، هما شيء واحد بضرب من الاتّحاد ، أو قل : عقل وجسد. فالوارد عليه الحوض هو العاقل. وحينئذٍ لا يتصوّر إمكان افتراق عاقل عن عقله بعد ورود الحوض.
على أنه قد ثبت بالبرهان المتضاعف المحكم عقلاً ونقلاً عدم إمكان افتراقهما بحال في مقام من مقامات الوجود. فإذن ثبت عدم إمكان افتراقهما في إقليم التعدّد ، وإلّا لانتفت عصمتهم وحجّيّتهم والبرهان بكلّ طريق أثبتهما ، فلأن لا يمكن