إلى زمان محمَّد صلىاللهعليهوآله : بأن يقول له : أنت نبيّ ودينك باقٍ إلى زمان محمّد : صلىاللهعليهوآله ؛ ولأن يقول أنت نبيّ بدون أحد القيدين فعلى المخالف أن يثبت ؛ إمّا التصريح بالامتداد إلى الأبد ، وأنّى له بإثباته؟ والمفروض أن الكلام أيضاً ليس فيه ، وإمّا الإطلاق وهو أيضاً في معنى القيد ، ولا بدّ من إثباته.
ومن الواضح أن مطلق النبوّة غير النبوّة المطلقة ، والذي يمكن استصحابه هو النبوّة المطلقة لا مطلق النبوّة ؛ إذ الكلّيّ لا يمكن استصحابه إلّا بما يمكن من أقلّ أفراده امتداداً أو استعداداً ، فبذلك بطل تمسّك أهل الكتاب ؛ إذ على فرض التسليم والتنزّل والمماشاة معهم نقول : إن القدر الذي ثبت لنا من نبوّتهما هو القدر المشترك بين أحد المقيّدات الثلاثة ، فمع إمكان كونها النبوة الممتدّة إلى زمان محمَّد صلىاللهعليهوآله : كيف يجري الاستصحاب إلى آخر الأبد ) (١).
أقول : لا يخفى ضعف هذا التقرير ، فإنّ أهل الكتابين لا يدّعي أحد منهم استمرار نبوّة موسى : أو عيسى : عليهماالسلام إلى الأبد ، فلا كلام معهم فيه ، وإنّما ادّعى عرفة اليهود ارتفاع النسخ والاحتجاج ليس عليه ، وإنّما الاحتجاج بالاستصحاب على فرض أن رسالة موسى : أو عيسى : عليهماالسلام ثابتة على الإطلاق ؛ لأنه القدر المتيقّن بعد ارتفاع البرهان على تعيين أحد الثلاثة بخصوصه ، ولأنه القدر المسلّم بين المسلمين وأهل الكتاب ، فادّعى جريان الاستدلال بالاستصحاب فيه.
ونحن نقول : لا يصحّ التمسّك بالاستصحاب في هذا المقام.
أمّا أوّلاً ؛ فلأنه ظنّيّ الدلالة ، فلا يصحّ التمسّك به في الأُصول ؛ لأنّ دليل مسائله لا بدّ أن يكون برهاناً عقليّاً فلا بدّ من كونه يقينيّاً.
وأما ثانياً ؛ فلأنّ الاستصحاب على ثلاثة أقسام :
أحدها : استصحاب نفي الحكم الشرعيّ إيجاباً أو تحريماً ، وهو المعبّر عنه بالبراءة الأصليّة ، وهذا ليس ما عناه واستدلّ به الكتابي على بقاء التكليف بشريعة
__________________
(١) قوانين الأُصول : ٣٠٠ ( حجري ).