قولهم لقبح النسخ. وإلا فالتحقيق أن موسى وعيسى : عليهماالسلام أخبرا بنبوّة محمَّد صلىاللهعليهوآله : و [ كتاباهما ناطقان (١) ] به ، لا أن نبوّتهما مطلقة ونحن نبطلها بالنّسخ. فلمّا كان اليهود منكرين لنطق كتابهم ونبيّهم بذلك ، وزعموا دوام دينهم ، وإطلاق النبوّة ، وتمسّكوا بالاستصحاب من باب [ المماشاة (٢) ] معنا ، وتمسّكوا ببطلان النسخ ، بناء عليه أيضاً ، فنحن نخاصمهم على هذا الفرض في تصحيح النّسخ ، وهذا لا يضرّ ما رددنا عليهم في تمسّكهم بالاستصحاب.
فإن قيل : أحكام شرع عيسى عليهالسلام : مثلاً مطلقات ، والنسخ يتعلّق بالأحكام.
قلنا : إطلاق الأحكام مع اقترانها ببشارة عيسى عليهالسلام : برسول بعده اسمُه أحمد صلىاللهعليهوآله لا ينفعهم ، لاستلزامه وجوب قبول رسالته صلىاللهعليهوآله ، وبعد قبولها لا معنى لاستصحاب أحكامهم كما لا يخفى ، فافهم ذلك واغتنم ) (٣). هذا آخر ما رأيته منقولاً من عبارة ( القوانين ).
وأقول : ثبوت الإطلاق بالنسخ إن حقّق محلّ دعوى الاستصحاب مدفوع جريانه فيه بما ذكرناه من منع اتّحاد الموضوع وبعدم جريان شيء من أقسام الاستصحاب في الاستدلال على المسألة. وفيه غنى عن التسليم ، والردّ بإخبار موسى وعيسى عليهماالسلام : ؛ لأن ذلك بعد التسليم لا يقلع الشبهة ، لمنع الخصم من بشارتهما به.
وأيضاً الظاهر أن النصارى مُقِرّون بأن نبوّة عيسى عليهالسلام : ليست مطلقة ، بل مغيّاة برسالة رسول [ الله ] أحمد صلىاللهعليهوآله : وكذلك أحبار اليهود مقرّون يتغيّى رسالة موسى عليهالسلام : وعدم إطلاقها إلّا المحرفين (٤) منهم.
وبما ذكرناه يندفع احتجاج المحرّفين منهم بالاستصحاب ، وبإبطال دعواهم ( قبح النسخ ) يبطل احتجاجهم به على انتفاء نبوّة عيسى عليهالسلام : ومحمَّد صلىاللهعليهوآله : والاحتجاج لثبوت نبوّة محمَّد صلىاللهعليهوآله : بثبوت ظهور المعجزات مع دعواه الرسالة وإخبار موسى
__________________
(١) في المخطوط : ( كتابهما ناطق ).
(٢) في المخطوط : ( المماشات ).
(٣) قوانين الأُصول : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ( حجري ).
(٤) في المخطوط : ( المحرفون ).