نعم ، لو كنّا تمسّكنا بالاستصحاب في الدوام ، لاستظهر علينا الخصم بما نبّهناه عليه ) (١).
أقول : ورود ما ردّ به الاستصحاب في أمر النبوّة بعد تسليم جريانه في الأُصول وارد عليه في التمسّك به في الشرعيات قطعاً ، وحكم التتبّع والاستقراء بأن الغالب في الأحكام الشرعيّة في غير ما ثبت له حدّ في الشرع بعدم المحدوديّة غير دافع له :
أمّا أوّلاً ، فلجواز كون الفرد المتنازع فيه منها من غير الغالب.
وأما ثانياً ، فلأن ما أثبت الاستقراء والتتبع عدم تحديده بحدّ معيّن خارجٌ عن موضوع الاستدلال بالاستصحاب ، وكذلك القول في استفادة الاستمرار فيما ورد عن الشارع مطلقاً في كفاية الإطلاق في الحكم باستمرار الحكم. وكذا ما يظهر من الخارج أنه أراد من الإطلاق الاستمرار ؛ فإنه بعد تسليم ذلك واستفادته من تتبّع أكثر الموارد واستقرائها يخرج بالمسألة عن محلّ الاستدلال بالاستصحاب ؛ للغناء عنه حينئذٍ بما هو أقوى منه ، وليس البحث إلّا فيما لم يثبت استمراره بدليل غير الاستصحاب من المطلقات.
وردّه عليه في حكاية النبوّة لا يخلّصه منه دعوى أغلبيّة تحديد النبوات ، كما هو ظاهر. وليس البحث مع الكتابي في استصحاب نبوّة نبيّنا بعد ثبوتها ، فليس هو متمسّكاً في نفي استمرارها بالترديد الذي ذكره ، والمعصوم من عصمه الله.
ثمّ قال أبو القاسم :
( فإن قيل : قولكم بالنّسخ يعيّن الإطلاق ، ويبطل التحديد ؛ لان إخفاء المدة و [ عدم (٢) ] بيان الأمر مأخوذ في ماهيّة النسخ ، وهو بعينه مورد الاستصحاب.
قلنا : ما سمعت من مخاصمتنا مع اليهود في تصحيح النسخ وإبطال قولهم في بطلانه ، إنّما هو من باب [ المماشاة (٣) ] معهم في عدم تسليمهم [ التحديد (٤) ] وإبطال
__________________
(١) قوانين الأُصول : ٣٠٠ ( حجري ).
(٢) من المصدر ، وفي المخطوط : ( عدوم ).
(٣) في المخطوط : ( المماشات ).
(٤) من المصدر ، وفي المخطوط : ( تحديد ).