من ابن آدم : إذا ملأ بطنه (١).
فهذان الجندان اعني : شياطين الليل وشياطين النهار هما قرنا الشيطان أي مظهر قوته وآلة فعله وغوايته للنفوس ؛ لأن قرني ذي القرن هما مظهر قوته ، كاليدين للإنسان فلما كانت الشمس تطلع وتغرب بين وقتي [ شياطين (٢) ] الليل وشياطين النّهار ، قيل : تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان.
ويؤيّد ما قلناه من تفسير القرنين بالجندين : شياطين الليل وشياطين النهار ما في رواية زيد النرسي : « إن الشمس تطلع بين قرني شيطان ، وتغرب بين قرني شيطان ، إلّا ليلة القدر » (٣) ، فإن السرّ في استثنائها أن ليلة القدر ينزل فيها من الملائكة على اختلاف أصنافها ما تغصّ به السكك ويملأ [ الهواء (٤) ] ، وما بين الأرض والسماء ؛ فيضعف بذلك ظهور قرني الشيطان ، بل لا يتحقّقان ؛ إذ لا محلّ لهما ولا قوة لهما على الظهور حينئذٍ ؛ لما يحصل من نزول تلك الملائكة من القوّة للنفوس المطمئنّة ، ومن الضعف للنفوس الأمّارة ، ومن حيث نزول تلك الملائكة على تلك الحال نفسه فلا يظهر مع ذلك قرنا الشيطان ، فهي لا تطلع تلك الليلة بين قرني شيطان ، ولا تغرب بين قرني شيطان ، والله العالم.
__________________
(١) انظر بحار الأنوار ٦٣ : ٣٣١ / ٥ ، ٣٣٦ / ٢٥ ، ٣٣٧ / ٣٣.
(٢) في المخطوط : ( شيطان ).
(٣) بحار الأنوار ٨٠ : ١٥٠ / ١٣ ، باختلاف. وفيه عن كتاب الراوندي ، غير أن في هامشه ذكرت نسخة بدل أنه من كتاب زيد النرسي.
(٤) في المخطوط : ( الهوى ).