الله وحكمته ، معبّراً عنه أي النور الّذي خلق منه والله تعالى يمدّه بعلمِه ، وعلمُه بنوره وقدرته ، ويفجّر من لسانه ينابيع الحكمة بذلك أبداً ، فيظهر ما في قوّته إلى فعله. فهم عليهم سلام الله لا يشاؤون الّا ما يشاء الله ؛ فقلوبهم وكر مشيئة الله تعالى ، ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) أبداً في كلّ حال.
فهو تعالى بهذا الاعتبار عينهم وسمعهم ويدهم ولسانهم إلى آخره. فأمرهم أمر الله ، ونهيهم نهي الله ، فطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته. كلّ ذلك على سبيل الحقيقة ، وليس فيه تجوّز بوجه ، وهم عليهمالسلام عينه [ الّتي (١) ] ينظر بها عباده نظرة الرحمة ، بل والنقمة ، ويده المبسوطة على بريته بالجود ، بل والقهر والبطش ، ولسانه المعبّر عنه بالحقّ إلى خلقه.
وبالجملة ، فهم عليهمالسلام بابه الأعظم ، وسبيله الأقوم لجميع خلقه ، فلا وجود ولا كمال ولا جود مطلقاً إلّا وهم بابه وسبيله وواسطته وشفعاؤه إلى الله ، و [ هم (٢) ] هداة الخلق إلى كلّ كمال وجمال وجلال ، فلهم النعمة على جميع الخلق ، حتّى في أصل وجود ذاتهم وبقائهم ورزقهم وحياتهم وموتهم ومبدئهم ومعادهم ، فلا منافاة بين الحديثين بوجه ، والله العالم.
__________________
(١) في المخطوط : ( الذي ).
(٢) في المخطوط : ( هما ).