سبباً لزيادة عذاب غيره ، مع أنه لا اختيار فيه؟ فالجواب عنه من وجهين :
الأوّل : أنه تعالى قدر لهم عذابين : عذاباً بإزاء أفعالهم ، وآخر بإزاء لعن اللاعنين ، وأسمعهم أنهم إن فعلوا ذلك الفعل القبيح أن يعذبهم بهما. وبعد هذا فأين الظلم؟
الثاني : أن لعنهم من باب شكاية المظلوم من ظالمه ، لأن منهم قد ثارت الفتن أوّلاً ، ومنهم استتر إمام العدل وبقي الناس في ظلم الجهالة ، فهم قد ظلمونا معاشر المسلمين. ولعمري إن ظلمهم علينا أشدّ من ظلمهم على أهل البيت عليهمالسلام : لأن فوائدهم كانت تصل إلينا ) ، انتهى كلامه.
قلت : أما القول بأنه لا يزيد في عذابهم ، فواضح البطلان لما مرّ من استحالة التكليف والتعبّد بمثله.
وأمّا الوجه الأوّل ، ففيه أن العذاب الثاني إن كان بمقتضى عقائدهم وأعمالهم ونيّاتهم انتفت الاثنينية ، ولم يكن لهم عذاب إلّا بأعمالهم ، وإلّا استحال بمقتضى قواعد العدل والحكمة. فالقول به أشبه بتسليم الإشكال من دفعه.
وأمّا الوجه الثاني ففيه أن الدعاء باللعن ومضاعفة العذاب غيرُ الشكاية بالضرورة ، لتباين الحقيقتين شرعاً وعرفاً ولغةً ، فلا يفهم أحدٌ سمع آخر يلعن شخصاً أو يدعو عليه بمضاعفة العذاب أنه إنّما تشكّى من ظلمه له ، فكم لاعن داعٍ على آخر وليس قبَله ظلامه ، بل لعنه ودعاؤه ظلم.
وعلى فرض تسليمه ، إذا وقع من شيعة أهل البيت : عليهمالسلام على ظالميهم لا يعمّ ولا يرفع الإشكال في اللعن والدعاء منا على فرعون : ونمرود : وبختنصر : إلّا بوجه خفيّ هو إثبات أن كلّ ظلم وقع في العالم فهو ظلم لآل محمّد : صلى الله عليه وعليهم وشيعتهم ، فكلّ مؤمن في الخلق فهو شيعتهم ، وكلّ شريعة فهي شريعتهم. ولهذا كان أصل كلّ ظلم في العالم هو عدوهم ، ومنه بدأ وإليه يعود ، حتّى غواية إبليس : في عالم الأرواح ، فإن روحه أغوت روحه. ولكن الظاهر أن الشارح لم يلحظ هذا.
وأمّا أن الناس حال استتار الإمام في ظلم الجهالة ، فكلام ظاهريّ ؛ إذ لا فرق