وبشارة لهم بالمغفرة والرحمة إذا بدّلوا السيّئة بالحسنة. ومن الظاهر أنه لا يخاف من العقاب على المعصية إلّا من صدرت منه وتاب وندم وبدّل سوء المعصية بحسن التوبة وفعل الحسنة ، فهذا يخاف ، فوعده الله بالمغفرة والرحمة ليطمئن قلبه ويرغب في فعل الطاعة وترك المعصية.
أمّا من تصدر منه معصيته فلا يخاف عقاباً على معصية. وأمّا من عصى وأصرّ ولم يتب ولم يندم وعزّم على المعاودة ، فهو غير خائف حينئذٍ من عقابها ، ولا متألّم من فعلها ولا من تصوّر عقابها ، بل كثير من العصاة ، أو أكثرهم لا يؤمن بعقابها ، فلا يخاف منه كالكفّار وإخوانهم من امّة محمَّد صلىاللهعليهوآله :
الثاني : أن التقدير هكذا ( لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) ؛ لأن سبب الخوف من العقاب الظلم ، وهم عليهمالسلام لا يقع منهم ظلم بحال لا لأنفسهم ولا لغيرهم ، وكلّ من ظلم يخاف عقابي ويحذر سطوتي إلّا من ظلم ثمّ بدّل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم له. وبهذا يصحّ الاستثناء المنقطع ؛ فإنك ترى أهل العربية يقدّرون في مثل ( ما قام القوم إلّا حماراً ) : ( ما قام القوم ولا غيرهم إلّا حماراً ) حتّى يصحّ الاستثناء لعدم العلاقة بينهما بالكلّيّة ، فإنه حينئذٍ لا فائدة للاستثناء ولا معنى له.