وكيف يمكن شيء ممّا ذكروا من إباحة الشقص وهو غير متميّز عن الشقص الآخر بوجه أصلاً؟ فإن كلّ جزء من فرجها وإن قلّ إلى غير النهاية أو إلى أن ينتهي إلى جزء لا يتجزّأ على رأي المتكلّمين مملوك لهما. فحصّة كلّ واحد منهما غير معلومة بعينها ، فكيف تصحّ إباحته أو إجازته أو تزويجه؟ ولو صحّ من مالك الشقص إباحته لمالك الشقص الآخر لصحّ منها ، وليس لها أن تبيح فرجها ولو لمالك بعضها إجماعاً ، وليس للمرأة فرجان.
وأمّا حديث رؤيا العلّامة : وما قرّره له والده في المنام فأضغاث أحلام ؛ إذ ليس إباحة الشريك سبباً تامّاً لحلّ الفرج كما هو واضح مسلم عند الخصم. وأمّا أنه تمام السبب فسقوطه ظاهر ؛ إذ ليس الفرج سبباً مركّباً كما عرفت ، ولا يحلّ بسبب مركّب ، وإنّما يحلّ بسبب بسيط. فالقول بأنه تمام السبب ، يستلزم القول بجواز تركيب سبب حلّه وهو يستلزم تبعيض البضع.
فظهر أن القول بأن تحليل الشريك سبب تامّ ، ظاهر السقوط ، كما قال العلّامة الشيخ سليمان : وما ذكره هو رحمهالله في ردّه كافٍ كالّذي نقله عن الشهيد رحمهالله : وإن كان تشبيهه لتحليل الشريك بالجزء الأخير من العلّة المركبة غير جيّد ؛ لأن معلول العلّة المركّبة معلول لمجموع الأجزاء ، لا لجميعها بل للهيئة الاجتماعيّة ؛ فمجموعه علّة لمجموعها ، لا أن جميعه معلول لجميعها ، وإلّا لكان كلّ جزء من العلّة علّة لجزء مخصوص.
هذا ، إن سلمنا وجود علّة مركّبة ، وأنت إذا نظرت بعين الحكمة في كتاب الموعظة ، وتدبّرت آيات الآفاق والأنفس ، لم تجد علّة مركّبة. وعلى كلّ حال ، فهو غير مجدٍ في تسويغ النكاح بسببين مختلفين. وما أورده الشيخ سليمان : على القول بأن التحليل سبب تامّ من قوله : ( ومن ثمّ لو أحلّها أحد الشريكين ) إلى آخره واردٌ على القول بأنه تمام السبب ، فتأمّله.
واستدلّ المشهور أيضاً بالآية الشريفة ، وهي قوله تعالى في سورة قَد أفلح :