حلّ الفرج ولوازمه بالملك والتزويج دواماً ومنقطعاً. فدلّت الآية الكريمة بدلالة واضحة على أنه لا تحلّ للفرج إلّا ما كان زوجة خالصة ، أو ملكاً خالصاً ؛ فدلّت على تحريم المركّب منهما ، وعلى عدم جواز تبعيض البضع ؛ فدلّت على عدم جواز نكاح الأمة المشتركة ولو أباح لشريكه حصّته.
فإذا تأمّلت هذا حقّ التأمّل ظهر لك أن مانعة خلوّها تدلّ على منع حِلّ الأمة بين الشريكين لأحدهما ، ولو بتحليل الشريك قسطه منها ، وعلى منع التبعيض ، وكذلك مانعة [ جمعها (١) ] فلا ترجع باحتمال أحدهما إلى أصالة المنع ، بل دليل مستقلّ على عدم حلّ الأمة المشتركة لأحدهما ولو أحلّه الآخر ؛ فإن الكتاب والسنّة المجمع عليها ، والإجماع في كلّ زمان ، والعقل [ نقلتنا (٢) ] عن أصل الإباحة في الفروج إلى أصل التحريم إلّا بدليل.
فهذا الأصل والكتاب منع من حلّ الأمة المبحوث عنها إلّا بدليل ، ولا دليل على حلّها ، ورواية محمّد بن مسلم : ولو كانت صحيحة لا تعارض ظاهر الكتاب وهذا الأصل والقاعدة المسلّمين خصوصاً مع مخالفتها لمشهور العصابة في كلّ زمان واطّراحهم لظاهرها. وقد صرّح جماعة بأن حصر المحلّلات على الفروج في الأزواج وملك الأيمان على سبيل الانفصال الحقيقيّ ، منهم [ صاحب (٣) ] المسالك كما مرّ النقل عنه في كلام الشيخ سليمان : ومنهم السيوريّ : في ( كنز العرفان ) قال رحمهالله : ( الآية صريحة في انحصار سبب الإباحة في القسمين المذكورين ، وهما الزواج ، وملك اليمين على سبيل الانفصال الحقيقيّ أي إمّا زواج ، أو ملك يمين ، بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان وأكّد ذلك بقوله ( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) (٤) ).
إلى أن قال رحمهالله : ( ظهر ممّا ذكرناه أن البضع لا يتبعّض ، فلو ملك بعض أمة لم
__________________
(١) في المخطوط : ( خلوها ).
(٢) في المخطوط : ( نقلنا ).
(٣) في المخطوط : ( شرح ).
(٤) المؤمنون : ٧.