فإن معناها : أنه إن خاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل أهله فليصلّ قصراً في السفر وإن لم يخف فليصبر إلى أن يدخل أهله ويتمّ ، فإنه أفضل الفردين ؛ من الصلاة في أوّل وقتها قصراً ، والصلاة تماماً مع التأخير عن أوّل الوقت.
وهل المراد : وقت الفضيلة أو الأجزاء؟ وجهان : أظهرهما الأوّل. فدلالة هذين الخبرين على المشهور أظهر إن لم نقل بتعيّنها ، وليس فيهما دلالة على القول بالفرق بين سعة الوقت وضيقه. ومثل هذين الخبرين خبر الحكم بن مسكين (١) :
ويدلّ على ذلك أيضاً صحيح محمّد بن مسلم : عن أحدهما عليهماالسلام في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة ، فقال إن كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل وليتمّ ، وإن كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصل وليقصر (٢).
وعلى هذا لا يظهر دليلُ القول بالتخيير كما عن الشيخ : في ( الخلاف ) (٣) ولا دليلُ القول بالتفصيل بين الضيق والسعة ، كما عن الشيخ : في ( النهاية ) (٤) وموضع من ( المبسوط ) (٥) ، وظاهر الصّدوق : في ( من لا يحضره الفقيه ) (٦).
واستُدلّ للقول بأن العبرة بحال الوجوب بصحيحة محمّد بن مسلم : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : عن رجل يدخل من سفره ، وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال : « يصلّي ركعتين ، وإن خرج إلى سفر وقد دخل وقت الصلاة ، فليصلّ أربعاً » (٧).
وخبر بشير النبّال : قال : خرجت مع أبي عبد الله عليهالسلام : فقال : « يا نبّال ، لم يجب على أحد من هذا العسكر أن يصلّي أربعاً غيري وغيرك ، وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج » (٨).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨٤ / ١٢٩٠ ، تهذيب الأحكام ٣ : ٢٢٣ / ٥٦٠ ، الإستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٥٨ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥١٤ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ٢١ ، ح ٧.
(٢) تهذيب الأحكام ٣ : ١٦٤ / ٣٥٤ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥١٥ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ٢١ ، ح ٨.
(٣) الخلاف ١ : ٥٧٧ / المسألة : ٣٣٢.
(٤) النهاية : ١٢٣.
(٥) المبسوط : ١ : ١٤١.
(٦) الفقيه ١ : ٢٨٤ / ذيل الحديث : ١٢٨٩.
(٧) الفقيه ١ : ٢٨٤ / ١٢٨٩.
(٨) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٢٤ / ٥٦٣ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥١٥ ، أبواب صلاة المسافر، ب ٢١ ، ح ١٠.