ما (١) لا يختلف فيه كذلك وهو ما يتساوى فيه مصلحة الخلق طرّاً ، ويقوم به نظام الكلّ ، وهو صفة الوجود الذاتيّة لا يقع فيه النسخ ولا التغيير بوجه وهو التوحيد والعدل ولوازمهما الذاتيّة.
الثاني : كثيراً ما يدور التحليل والتحريم والصحّة والفساد على الصفات والشرائط والقيود ، بل ذلك أغلبيّ في أبواب الفقه ، فما زال المكلّف متّصفاً بذلك الوصف وقائماً بذلك الشرط ، فالمشروط حلال له وحسن بالنسبة إليه عقلاً ؛ لأنّ الصفة والشرط علّة لما عُلّق عليهما من الحكم ، فحسنة وقبحه [ يدوران (٢) ] على الشرط والصفة وعدمهما ، فجاز كون ما ذكر في السؤال كلّه من هذا الباب.
فإذن قد اتّضح أنه لم يقبّح ما هو حسن ، ولم يحسّن ما هو قبيح ، ولا يتخلّف الذاتي عن ملزومه. فالصلاة مثلاً حسنة بشرط حصول جميع شرائط الصحّة ، وقبيحة بدونها ؛ ولذا قبحت من الحائض. فالصلاة الحسنة وهي المستجمعة الشرائط لا تقبح بحال ، ومع اختلالها فهي قبيحة لا تحسن بحال. فالقبيحة غير الحسنة ، فتحريم دخول المسجد على الجنب مثلاً ليس فيه انقلاب الحسن وهو دخوله مع الحدث الأكبر ؛ لعدم تحقّقه.
الثالث : قد يكون سبب التحريم حدوث المعصية أو الكفر ، أو كفر النعمة عقوبة ، ومضمونه يرجع إلى الجواب الثاني بوجه ، وهو أن حِلّ هذا الشيء وحُسْنه مشروط بالاتّصاف بالإيمان ، أو عدم المعصية مثلاً.
الرابع وهو يختصّ بالآية الكريمة ـ : أن التحريم فيها بمعنى الحرمان ، كما يستفاد من خبر العيّاشي (٣) ولعلّه عقوبة لهم بكفرهم بنعمة الله فسلبها منهم ، والله العالم.
__________________
(١) في المخطوط : ( أنه أما ).
(٢) في المخطوط : ( يدور ).
(٣) تفسير العيّاشي ١ : ٣١٠ ـ ٣١١ / ٣٠٣.