ويكون حمل أخبار النهي على الكراهة ؛ طريقاً للجمع ، وهو خير من اطّراح هذه الأخبار التي قد صحّ بعضها واعتضد باقيها ، وعمل جماعة من الأصحاب بمضمونها ، وقوّى العمل بها حديث «إنّ الصلاة خير موضوع بالوصف فمن شاء استقلّ ، ومَنْ شاء استكثر» (١).
ويدلّ على أنّ الركعتين نافلة أو على جواز النافلة لمن عليه فريضة صحيحُ زرارة عن الباقر عليهالسلام في حديثٍ طويل يتضمّن وصف الصلاة التي فاتتهُ وأنّه أمر بلالاً فأذّن ثمّ صلّى ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر ثمّ قام فصلّى بهم الصبح. وفيه (٢) أنّ بعض (٣) أعدائه اعترضه بأنّهُ روى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله «إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة» فأجابُ بأنّه «قد فات الوقتان جميعاً ، وأنّ ذلك كان قضاءً من رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٤).
وهذا الحديث كما دلّ على جواز النافلة في وقت قضاء الفريضة ، كذلك يدلّ على توسعة وقت القضاء وإن كان الفائتة متّحدةً ليومها ؛ لتقديمه النافلة على قضاء الفريضة.
فإن قيل : هذه الحجّة أخصّ من المدّعى ؛ لأنّها دلّت على جواز النافلة لمن عليه فريضة مقضيّة خاصّة ، والمدّعى جوازها مطلقاً ، فلا يتمّ الاحتجاج بها على الجواز ، بل هي على المنع أدلّ.
ويؤيّده صحيحة زرارة أيضاً ، قال : قلت لأبي جعفر : أصلّي نافلة وعليّ فريضة ، أو في وقت فريضة؟ قال : «لا ، إنّه لا تصلّى نافلة في وقت فريضة ، أرأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان ، أكان لك أن تتطوّع حتى تقضيه؟» قال : قلت : لا ، قال : «فكذلك الصلاة» قال : فقايسني وما كان يقايسني (٥). وكأنّهُ أراد به مجرّد المثال ، أو ليُعلّم زرارة ما يحتجّ به على خصومه ، لا الاحتجاج بالقياس.
وهذا الحديث أيضاً صريح في النهي عن النافلة في وقت الفريضة ، وإذا جُمع بينه وبين
__________________
(١) المستدرك للحاكم ٢ : ٥٩٧ ؛ الخصال ٢ : ٥٢٣ / ١٣.
(٢) أي في حديث زرارة.
(٣) وهو : الحَكَم ، كما في الذكرى ٢ : ٤٢٢.
(٤) أورده الشهيد في الذكرى ٢ : ٤٢٢.
(٥) أورده الشهيد في الذكرى ٢ : ٤٢٤.