ما قبله ، كان النهي مختصّاً بفعلها في وقت الحاضرة ؛ لأنّها ذات الوقت حقيقةً.
قلنا : قد ثبت دلالة الأُولى على جواز النافلة لمن عليه فريضة في الجملة. وتُحمل الثانية عليها ، ولا قائل بالتفصيل ، فاللازم إمّا اطّراح الرواية ، أو القول بالجواز في الجملة ، ومتى قيل به في الجملة لزم القول به مطلقاً ؛ لعدم القائل بالفرق ، فالقول به إحداث قول ثالث.
فإن قيل : بطريق القلب دلّ الحديثان على النهي عن النافلة في وقت الفريضة في الجملة ولا قائل بالتفصيل ، فاللازم اطّراح الروايتين إن لم نقل بالمنع مطلقاً حذراً من إحداث قول ثالث.
قلنا : يمكن حمل النهي على الكراهة ؛ جمعاً بينهما وبين ما دلّ على الجواز ، فإنّ القول بحمل النهي على التحريم يستلزم اطّراح تلك الأخبار بالكلّيّة ، أو حملها على ما لا يدلّ عليه ، كحملها على انتظار الجماعة ، فكان حمل النهي على الكراهة التي هي أحد مفهوماته أولى ، مع أنّ حديث «لا صلاة لمن عليه صلاة» لم يستثبته الأصحاب من طريقهم ، وإنّما أورده الشيخ في المبسوط والخلاف (١) مرسلاً ، ولم يذكره في كتابي الأخبار ، والله أعلم.
(ويكره ابتداء النوافل) في خمسة مواطن : ثلاثة تعلّق النهي فيها بالزمان ، وهي (عند طلوع الشمس) حتّى ترتفع وتذهب الحمرة ، ويستولي سلطانها بظهور شعاعها ، فإنّه في ابتداء طلوعها ضعيف (و) عند (غروبها) أي ميلها إلى الغروب ، وهو اصفرارها حتى يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقيّة (و) عند (قيامها) في وسط النهار ووصولها إلى دائرة نصف النهار ، المعلوم بانتهاء نقصان الظلّ (إلى أن تزول) ويأخذ الظلّ في الزيادة.
والكراهة ثابتة في جميع الأيّام (إلا يوم الجمعة) فلا تكره النافلة فيها عند القيام ، فإنّه يستحبّ التنفّل فيها بركعتين نصف النهار ؛ لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة (٢).
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٢٧ ، الخلاف ١ : ٣٨٦ ، المسألة ١٣٩.
(٢) سنن البيهقي ٢ : ٦٥٢ / ٤٤٣٣.