وإنّما يُبطل الالتفات في مواضعه لو وقع على وجه الاختيار ، أمّا لو وقع اضطراراً بهواء أو غيره ، ففي إبطاله نظر : من أنّ الاستقبال شرط فيبطل المشروط بفواته ، ولا يفرق فيه بين الحالين ، كالطهارة ، إلا ما أخرجه النصّ. ومن العفو عمّا استكره الناس عليه ؛ للخبر (١). وهذا هو الظاهر.
(و) تعمّد (القهقهة) وهي لغةً : الترجيع في الضحك أو شدّة الضحك.
والمراد هنا مطلق الضحك ، كما صرّح به المصنّف (٢) في غير هذا الكتاب.
وبطلان الصلاة بها مع العمد موضع وفاق.
وروى زرارة عن الصادق عليهالسلام «القهقهة لا تنقض الوضوء ، وتنقض الصلاة» (٣).
وفي موثّقة سماعة «القهقهة تقطع الصلاة دون التبسّم» (٤).
ولا يعتبر فيها الكثرة ، بل يكفي مسمّى الضحك ؛ لإطلاق النصّ.
ولو وقعت على وجه لا يمكن دفعه لمقابلة ملاعبٍ ونحوه ، فقد استقرب في الذكرى البطلان وإن لم يأثم ؛ لعموم الخبر (٥).
واحترز بالعمد عمّا لو وقعت نسياناً ، فإنّها لا تُبطل إجماعاً ، كما أجمع على عدم البطلان بالتبسّم وهو ما لا صوت معه وإن كره.
(و) تعمّد (الفعل الكثير الذي ليس من الصلاة) وهو ما يخرج فاعله به عن كونه مصليّاً عرفاً ، دون القليل ، كلُبْس العمامة والرداء ، ومسح الجبهة ، وقتل الحيّة والعقرب ؛ لما روي أنّ النبيّ : قتل عقرباً في الصلاة (٦) ، وأمر بقتل الأسودين الحيّة والعقرب فيها (٧).
وفي صحيحة الحسين بن العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يرى الحيّة
__________________
(١) التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤ ؛ الخصال ٢ : ٤١٧ / ٩ ؛ كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.
(٢) منتهى المطلب ٥ : ٢٩٢.
(٣) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ٦ ؛ التهذيب ٢ : ٣٢٤ / ١٣٢٤.
(٤) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ١ ؛ التهذيب ٢ : ٣٢٤ / ١٣٢٥.
(٥) الذكرى ٤ : ١٢.
(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٥ / ١٢٤٧.
(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٤ / ١٢٤٥ ؛ سنن أبي داوُد ١ : ٢٤٢ / ٩٢١ ؛ سنن النسائي ٣ : ١٠ ؛ مسند أحمد ٢ : ٤٦٣ / ٧١٣٨ ، و ٥٠٣ / ٧٤٢٠ ؛ المصنّف لعبد الرزّاق ١ : ٤٤٩ / ١٧٥٤.