واختار جماعة من الأصحاب منهم : الشهيد (١) البطلان مع بلوغ الوجه حدّ الاستدبار وإن كان الفرض بعيداً.
وتدلّ عليه رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد إذا كان الالتفات فاحشاً (٢) إذ لا التفات أفحش ممّا يصير إلى حدّ الاستدبار.
ولو كان الالتفات إلى ما دون الاستدبار ، فإن كان بالوجه خاصّة ، فلا إبطال وسيأتي لمفهوم الخبر السالف (٣).
ولرواية عبد الملك ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ قال : «لا ، وما أُحبّ أن يفعل» (٤) وهي محمولة على الالتفات بالوجه ؛ دفعاً للتنافي.
وخالف في ذلك ولد المصنّف ، فأبطل به الصلاة (٥).
وهو ضعيف ؛ لما عرفت من أنّ الأخبار إمّا مطلقة في عدم الإبطال ، أو مقيّدة بالالتفات بكلّه أو بالفاحش ، ولا يتحقّق بذلك.
نعم ، هو مذهب بعض (٦) العامّة ؛ محتجّاً بقول النبيّ : «لا تلتفتوا في صلاتكم فإنّه لا صلاة لملتفت» (٧).
والرواية ضعيفة عندهم ؛ لأنّ راويها عبد الله بن سلام ، وهو ضعيف.
ويمكن حملها على الالتفات بكلّه ، كما رواه زرارة (٨).
والاعتبار بصيرورة الوجه في حدّ اليمين واليسار لا النظر وإن بلغ حدّ الاستدبار.
ولو كان الالتفات بالبدن ، فإن وقع عمداً ، أبطل الصلاة مطلقاً ؛ لمنافاته الاستقبال الذي هو شرط. وإن كان سهواً وكان يسيراً لا يبلغ حدّ اليمين واليسار ، لم يضرّ. وإن بلغه ، عاد في الوقت لا في خارجه ، كمن صلّى جميع الصلاة كذلك.
__________________
(١) انظر : الذكرى ٤ : ٢١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٦٥ ٣٦٦ / ١٠ ؛ التهذيب ٢ : ٣٢٣ / ١٣٢٢ ؛ الاستبصار ١ : ٤٠٥ ٤٠٦ / ١٥٤٧.
(٣) آنفاً.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٠ / ٧٨٤ ؛ الاستبصار ١ : ٤٠٥ / ١٥٤٦.
(٥) حكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٣٤٧ ، وانظر أيضاً : الذكرى ٤ : ٢١.
(٦) وهو بعض الحنفيّة كما في تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٩٥ ذيل المسألة ٣٢٩ ، والذكرى ٤ : ٢١.
(٧) المعجم الأوسط للطبراني ٢ : ٣٤٨ ٣٤٩ / ٢٠٤٢.
(٨) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٨٨٦ ، الهامش (٢).