هذا إذا لم يشتمل على كلام ليس بقرآن ولا دعاء ولا ذكر ، وإلا أبطل أيضاً.
ولو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام ، فكما مرّ في التنحنح.
وقطع المصنّف هنا أيضاً بعدم البطلان بهما (١).
والفارق بين البكاء المبطل وغيره القصدُ.
واعلم أنّ البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت ، لا مجرّد خروج الدمع ، مع احتمال الاكتفاء به في البطلان.
ووجه الاحتمالين : اختلاف معنى البكاء لغةً مقصوراً وممدوداً ، والشكّ في إرادة أيّهما من الأخبار.
قال الجوهري : البكاء يُمدّ ويُقصر ، فإذا مددتَ ، أردت الصوتَ الذي يكون مع البكاء. وإذا قصرتَ ، أردتَ الدموع وخروجها. قال الشاعر :
بكت عيني وحقّ لها بُكاها وما يغني البكاء ولا العويل (٢) (و) تعمّد (الأكل والشرب) وهو في الجملة موضع وفاق ، لكن اختلف في السبب الموجب للبطلان.
فقيل : كونه أكلاً وشرباً ، فيكفي فيه مسمّاهما. واختاره الشيخ (٣) رحمهالله.
وفيه نظر ؛ لعدم الدليل الدالّ على ذلك.
وقيل (٤) : لكونه فعلاً كثيراً فيقيّدان بالكثرة ، فلا يبطل ازدراد ما بين الأسنان ولا تذويب سكّرة وضعها في فمه ونحوهما. وهو أجود ، فلا خصوصيّة حينئذٍ للأكل والشرب ، بل الفعل الكثير.
ولو وضع في فمه لقمة ومضغها وابتلعها أو تناول قلّة وشرب منها ، فقد قال المصنّف في التذكرة والنهاية : إنّه مبطل أيضاً ؛ لأنّ التناول والمضغ والابتلاع أفعال كثيرة وكذا المشروب (٥).
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ٥٢٠.
(٢) الصحاح ٦ : ٢٢٨٤ «ب ك ى».
(٣) المبسوط ١ : ١١٨ ؛ الخلاف ١ : ٤١٣ ، المسألة ١٥٩.
(٤) القائل هو الشهيد في الذكرى ٤ : ٨.
(٥) تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٩٢ ٢٩٣ ، الفرع «ط» ؛ نهاية الإحكام ١ : ٥٢٢.